الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إفرايم بن أرعو بن فالغ بن عينو بن أرفخشاذ بن سام بن نوح. ويقال في اسمها: يوما بنت أرغو بن إفرانم.
وعن ابن الكلبي: وكان أبو إبراهيم عليه السلام على أصنام الملك نمروذ (1) فولد إبراهيم بهرمزجرد. ثم انتقل إلى كوثى من أرض بابل.
وعن محمد بن عمر الواقدي: كان بين نوح وآدم عليه السلام عشر [ة] قرون، وبين إبراهيم ونوح عليه السلام عشر [ة] قرون. فولد إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام على رأس ألفي سنة من خلق آدم.
وعند النصارى: أنّ بين آدم وإبراهيم ثلاثة آلاف ومائة وأربعا وثمانين سنة. ويقال: بأن بين نوح ومولد إبراهيم سبعمائة واثنتين وأربعين سنة [
…
] وبين ميلاد إبراهيم والطوفان ألف وثلاث وعشرون سنة. وقد صحّ عن نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا إبراهيم، فأشبه الناس به صاحبكم، يعني نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم.
وفي التوراة: أن إبراهيم عليه السلام ولد ولأبيه من العمر سبعون سنة، وأن أباه خرج به بعد ما تزوّج بسارة، ومعه لوط أيضا، من بلد الكسدانيّين، إلى حرّان فسكنوها، وبها مات أبوه وعمره خمسون ومائتا سنة.
[رؤيا نمروذ بذهاب ملكه على يد إبراهيم]:
ويذكر أصحاب القصص أنّ نمروذ لمّا أحكم أمر ملكه، وساس أمر الناس، وأذعن له الكافّة، أخبر أنّه يولد في مملكته مولود ينازعه في ملكه، ويكون سلب ملك نمروذ على يديه. فتجرّد للنظر في ذلك ودعا خيار قومه واختار منهم ستّة،
أحدهم آزر أبو إبراهيم، فولّى كلّ رجل منهم خصلة من الخصال التي أسّس أمر ملكه عليها وضمّنها إيّاه وارتهن بها رقبته إن هي ضاعت أو فسدت أو تغيّرت. وقال لهم: أيّها القوم، إنّكم خيار قومي ورؤساؤهم وعظماؤهم، وإنّني لم أزل منذ سست أمر ملكي وأهل مملكتي وهممت بما هممت به فيهم، أعدّكم وأختاركم. وقد دعاني أن أستعين بكم وأشاوركم أنّي قد سست أمر الملك والناس على سبع خصال، وقد ولّيت كلّا منكم خصلة، وجعلت نفسه مرتهنة عندي إن هو لم يحكمها. فانطلقوا واقترعوا عليهنّ، [وما صار] لكلّ منكم في قرعته، فهو واليها ووليّ أهلها، وأنا له عليها وعلى أهلها عون. واعلموا أنّي سست أمر الملك ووطّنت الناس على أنّه لا يعبد إلّا إلا هي وعلى أنّه لا سنّة إلّا سنّتي، وعلى أنّه لا أحد أولى بنفسه وماله منّي، وعلى أنّه لا أحد أخوف فيهم ولا أطوع عندهم منّي، وعلى أنهم يد واحدة على عدوّهم، وعلى أنهم خولي وعبيدي [2 ب] أحكم فيهم برأيي ومحبّتي، وعلى أنه قد بلغني أنه يولد في هذا الزمان مولود يكابرني ويخلع طاعتي ويرغب عن ملّتي ويغلبني ويقهرني، فأنا سابعكم في هذه الخصلة، وأنا وأنتم وجميع أهل مملكتي كنفس واحدة في طلبه وهلاكه. فمن ظفر به فله عليّ ما احتكم وما تمنّى. فانطلقوا فاقترعوا ثم أعلموني ماذا صار في قرعة كلّ منكم.
فلمّا اقترعوا صار في قرعة أبي إبراهيم الآلهة التي يعبدها، فلا يعبد أحد صنما، لا الملك ولا غيره، إلّا صنما عليه طابع أبي إبراهيم، وكان ذلك لطفا من الله تعالى لما أراده من كرامة خليله وإظهاره. فأحكم ذلك أبو إبراهيم، وصار أمينهم لا يتّهمونه ولا يعدلون به غيره.
[احتيال أمّ إبراهيم للحفاظ عليه]:
(1) نمروذ ابن كوش: انظر سفر التكوين 10/ 8 - 11 وهو مؤسّس نينوى.
فلمّا حملت أمّ إبراهيم به قالت لأبيه: قد وددت أنّي وضعت ما في بطني غلاما لأحمله أنا وأنت إلى الملك فيتولّى ذبحه: فإنّ الملك أهل لذلك لإحسانه إلينا- وكان ذلك منها مكيدة خدعت بها زوجها فصدّقها. فلمّا حضرت تتمّة ولادتها قالت لزوجها: إنّي قد أشفقت من حملي أن تكون فيه منيّتي، ولست أدري متى يبغتني، وأنا أرغب إليك أن تنطلق إلى الإله الأعظم الذي يعبده الملك فتشفع لي بالسلامة وتعتكف عليه حتى يبلغكخلاصي فترجع- وأرادت بذلك أن تلد وهو غائب فتجعله في سرب (1) تحت الأرض تغيّبه فيه، فإذا رجع زوجها من انعكافه قالت: إنّه قد مات. وكانت عنده أمينة لا يتّهمها.
فانطلق حيث أمرته، واعتكف أربعين يوما في قضاء ما أرادته لطفا من الله بإبراهيم. ثمّ بعثت بالرسول إلى أبيه أنّها تجد الوجع فقام يدعو إلهه حتى بلغه أنها وضعت غلاما به عاهة شديدة و [أنّه] مات حال وضعه فاستحيت أن تطلع الناس على ما به فكتمت أمره حتّى قبرته. فعاد وقد سرّ بخلاصها وصدّقها فيما قالت.
وجعلت أمّ إبراهيم تختلف إلى إبراهيم وتدخل عليه عشاء وتسقيه ما تحتلبه من النساء اللائي ذبح أولادهنّ، حتّى بلغ الفطام، ففصلته عن اللبن، وكان سريع الشباب. فما زال في السرب حتى بلغ ثلاث عشرة سنة. ثم أخرجته أمّه فلم يشعر به أبوه إلّا وهو قاعد في بيته. فلمّا رآه سأل عنه بعد ما همّ أن يبطش به، فقالت أمّه: هذا ابنك الذي ولد ليالي كنت معتكفا فكتمته عنك في سرب تحت الأرض حتّى بلغ هذا المبلغ.
فقال: وما حملك على أن خنتني وخنت نفسك
وخنت الملك وأنزلت بنا من البلاء ما لا قبل لنا به؟
قالت: لا يهمّنّك هذا وأنا ضامنة أن تزداد عند الملك كرامة. وإنّما فعلت الذي فعلت نظرا لك ولي ولابنك ولعامّة الناس. وذلك أنّي أضمرت يوم كتمت هذا الغلام أنّي أخفيه حتى يكون رجلا.
فإن كان عدوّ الملك قدناه إليه وقلنا: دونك عدوّك قد تمكّنت منه فارحم الناس في بقاء أولادهم، فإنّك أفنيت خولك. وإن لم يكن هو بغية الملك وعدوّه، فلم أذبح ابني باطلا؟
فأعجب ذلك زوجها، وقال: كيف لنا أن نعلم أهو عدوّ الملك أو غيره؟ .
فقالت: نحبسه ونعرض عليه دين الملك. فإن أجاب كان رجلا من الناس ليس عليه قتل. وإن عصانا ولم يدخل في ملّتنا أسلمناه إلى القتل.
فقال: هذا هو الرأي!
وألقى الله سبحانه في قلبه عند ذلك محبّة إبراهيم وزيّنه في عينه فأحبّه حبّا شديدا ونفس به عن القتل واشتدّ بكاؤه رحمة لإبراهيم. وكانت أمّ إبراهيم واثقة بأنّ ابنها إن كان عدوّ القوم فليس أحد يطيق قتله، ورأت أنّه متى نصر ابنها عليهم نجت هي وأهلها. فشجّعها ما ألقى الله في قلبها من ذلك على معصية نمروذ. وقد كان نمروذ يخبر [3 أ] الناس قبل مولد إبراهيم أنه سيأتي رجل يغلبه ويرغب عن ملّته ويخلع دينه. وكان هذا من قول نمروذ سببا في قوّة أمّ إبراهيم على ارتكاب معصية نمروذ ومخالفة قومها.
وكان أبو إبراهيم من شدّة ما ألقاه الله سبحانه في قلبه من محبّة إبراهيم يبالغ في كتمانه ويوصي بذلك أمّه ويقول: ارفقي به ولا تعرّضيه لشيء من أمر الملك فإنّه غلام حدث السنّ لم يجتمع له رأيه
(1) السرب: الحفير والنفق.