الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمّد وعليّ
…
من أين لك يا ابن حنّا؟
ومات سنة ثمان وثمانين وستّمائة.
686 - أبو جعفر الكاتب وزير المأمون [- 213]
(1)
أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح، أبو جعفر الكاتب.
أصله من الكوفة. وكتب أبوه لعبد الله بن عليّ عمّ أبي جعفر المنصور. وولي هو ديوان الرسائل للمأمون. ويقال إنّه من بني عجل وكان له أخ يقال له القاسم بن يوسف، كان شاعرا كاتبا. وهما وأولادهما جميعا أهل أدب وطلب للشعر والبلاغة.
وحكى أحمد بن يوسف عن المأمون، وعبد الحميد بن يحيى الكاتب.
وحكى عنه ابنه محمد بن أحمد بن يوسف، وأحمد بن سلمة، وعلي بن سليمان الأخفش.
وقدم مصر مع المأمون سنة سبع عشرة ومائتين. قال الخطيب: كان من أفاضل كتّاب المأمون، وأذكاهم وأفطنهم، وأجمعهم للمحاسن. وكان جيّد الكلام فصيح اللسان حسن الحفظ، مليح الخطّ، يقول الشعر في الغزل والمديح والهجاء.
وله أخبار مع إبراهيم ابن المهديّ، وأبي العتاهية، ومحمد بن بشر (2) وغيرهم.
مات سنة ثلاث عشرة- وقيل أربع عشرة- ومائتين وهو في سخطة من المأمون.
قال الأخفش: قال لي أحمد بن يوسف: رآني عبد الحميد بن يحيى أكتب خطّا رديئا، فقال لي:
إن أردت أن تجوّد خطّك، فأطل جلفتك وأسمنها، وحرّف قطّتك (3) وأيمنها.
ثمّ قال [الطويل]:
إذا خرج الكتّاب كان قسيّهم
…
دوايا وأقلام الدويّ لهم نبلا
قال الأخفش: قوله: جلفتك، أراد فتحة رأس القلم.
وقال رجل لأحمد بن يوسف: والله ما أدري أيّك أحسن؟ ما ولّاك الله من خلقك، أم ما وليته من أخلاقك؟
ومن شعره قوله [البسيط]:
يزيّن الشعر أفواها إذا نطقت
…
بالشعر يوما، وقد يزري بأفواه
قد يرزق المرء لا من حسن حيلته
…
ويصرف الرزق عن ذي الحيلة الداهي
ما مسّني من غنى يوما ولا عدم
…
إلّا وقولي عليه: الحمد لله
وقوله [الطويل]:
إذا قلت في شيء نعم فأتمّه
…
فإنّ «نعم» دين على الحرّ واجب
وإلّا فقل: لا، واسترح وأرح لها
…
لكي لا يقول الناس: إنّك كاذب [163 ب]
وقوله [الطويل]:
(1) الأعلام 1/ 259 - تاريخ بغداد 5/ 216 و 6/ 463 (2962) - الوافي 8/ 279 (3703) - الوزراء والكتّاب 304 - معجم الأدباء 2/ 560 (215) - تهذيب ابن عساكر 2/ 121 - والمختصر ج 14/ 180 في ترجمة عبد الحميد بن يحيى.
(2)
في تاريخ مدينة السلام: محمد بن نمير، ولم نجد هذا ولا ذاك.
(3)
القطّة المرّة من القطّ وهو القطع، والخبر في العقد 4/ 196.
إذا المرء أفشى سرّه بلسانه
…
ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سرّ نفسه
…
فصدر الذي استودعته السرّ أضيق
وكتب إلى المأمون في يوم مهرجان وقد بعث إليه بهديّة [الطويل]:
على العبد حقّ فهو لا بدّ فاعله
…
وإن عظم المولى وجلّت فواضله
ألم ترنا نهدي إلى الله ما له
…
وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله
ولو كان يهدى للمليك بقدره
…
لقصّر فضل المال عنه وسائله (1)
ولكنّنا نهدي إلى من نجلّه
…
وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله
وذكر أبو بكر محمد بن يحيى الصوليّ عن أبي الحارث النوفليّ، قال: كنت أبغض القاسم بن عبيد الله لمكروه نالني منه. فلمّا مات ابنه الحسن قلت على لسان ابن بسّام [مخلّع]:
قل لأبي القاسم المرجّى
…
قابلك الدهر بالعجائب
مات لك ابن وكان زينا
…
وعاش ذو الشين والمعايب
حياة هذا كموت هذا
…
فليس تخلو من المصائب
قال الصوليّ: وإنّما أخذه من قول أحمد بن يوسف الكاتب لبعض إخوانه من الكتّاب، وقد ماتت له ببّغاء، وكان له أخ يضعّف، فكتب إليه [الخفيف]:
أنت تبقى ونحن طرّا فداك
…
أحسن الله ذو الجلال عزاكا
فلقد جلّ خطب دهر أتانا
…
بمقادير أتلفت ببّغاكا
عجبا للمنون كيف أتتها
…
وتخطّت عبد الحميد أخاكا
كان عبد الحميد أصلح للمو
…
ت من الببّغا وأولى بذاكا
شملتنا المصيبتان جميعا
…
فقدنا هذه ورؤية ذاكا
(قال) وإنّما أخذه أحمد بن يوسف من قول أبي نواس لمّا مات الرشيد وقام الأمين، يعزّي الفضل بن الربيع وزاد في المعنى [الطويل]:
تعزّ أبا العبّاس عن خير هالك
…
بأكرم حيّ كان أو هو كائن
حوادث أيّام تدور صروفها
…
لهنّ مساو مرّة ومحاسن
وفى الحيّ بالميت الذي غيّب الثرى
…
فلا أنت مغبون ولا الموت غابن (2)
وجاء أبو العتاهية يريد الدخول على أحمد بن يوسف فمنعه الحاجب فقال، وكتب بها إليه [الطويل]:
ألم تر أنّ الفقر يرجى له الغنى
…
وأنّ الغنى يخشى عليه من الفقر
فوجّه إليه بخمسة آلاف درهم. فبلغ ذلك عليّ بن جبلة فقال: بئس ما صنع أبو العتاهية! كان ينبغي أن يقول له:
أأحمد إنّ الفقر يرجى له الغنى فيسير باسمه.
ولمّا مات أحمد بن يوسف قالت فيه نسيم مغنّيته ترثيه [الطويل]:
ولو أنّ ميتا هابه الموت قبله
…
لما جاءه المقدور وهو هيوب
(1) البيت مضطرب، والإصلاح من الوافي 8/ 281.
(2)
ديوان أبي نواس 581.