الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا لَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ:
قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَيِّتِ:
7 -
تُكْرَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَيِّتِ حَتَّى يُغَسَّل (1)، وَأَمَّا حَدِيثُ مَعْقِل بْنِ يَسَارٍ مَرْفُوعًا اقْرَءُوا سُورَةَ يس عَلَى مَوْتَاكُمْ (2) فَقَال ابْنُ حِبَّانَ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ مَرْفُوعًا مَا مِنْ مَيِّتٍ يُقْرَأُ عِنْدَهُ يس إِلَاّ هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ (3) " وَخَالَفَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمُحَقِّقِينَ، فَأَخَذَ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَقَال: بَل يُقْرَأُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ مُسَجًّى، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا. (4)
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْحَاصِل أَنَّ الْمَيِّتَ إِنْ كَانَ
(1) الهندية 1 / 157 وما بعدها
(2)
حديث: " اقرءوا سورة يس على موتاكم ". أخرجه أبو داود (3 / 489 - ط عزت عبيد الدعاس) وابن ماجه (1 / 465 - 466 - ط عيسى الحلبي) والبيهقي (3 / 383 - ط دار المعرفة) . وقال ابن حجر (وأعله ابن القطان بالاضطراب وبالوقف وبجهالة حال أبي عثمان وأبيه، ونقل أبو بكر بن العربي عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ولا يصح في الباب حديث أ. هـ من التلخيص الحبير 2 / 104 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(3)
حديث: " ما من ميت يقرأ عنده يس إلا هون الله عليه " أخرجه ابن حبان في صحيحه (5 / 3 - ط دار الكتب العلمية) والديلمي في مسند الفردوس (4 / 328 - ط دار الكتاب العربي) من حديث أبي الدرداء. ضعفه ابن حجر في التلخيص الحبير (2 / 104 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(4)
المرقاة 2 / 221.
مُحْدِثًا فَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كُرِهَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا أَيْضًا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَيِّتُ مُسَجًّى بِثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ، وَكَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا إِذَا قَرَأَ جَهْرًا. (1) وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُكْرَهُ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا. (2)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ عِنْدَ الْمَيِّتِ قَبْل الدَّفْنِ لِئَلَاّ تَشْغَلَهُمُ الْقِرَاءَةُ عَنْ تَعْجِيل تَجْهِيزِهِ، خِلَافًا لاِبْنِ الرِّفْعَةِ وَبَعْضِهِمْ، وَجَوَّزَهُ الرَّمْلِيُّ بَحْثًا. أَمَّا بَعْدَ الدَّفْنِ فَيُنْدَبُ عِنْدَهُمْ (3) .
وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى تَصْرِيحٍ لِلْحَنَابِلَةِ فِي غَيْرِ الْمُحْتَضَرِ.
النَّوْحُ وَالصِّيَاحُ عَلَى الْمَيِّتِ:
8 -
يُكْرَهُ النَّوْحُ، وَالصِّيَاحُ، وَشَقُّ الْجُيُوبِ، فِي مَنْزِل الْمَيِّتِ، وَفِي الْجَنَائِزِ، أَوْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ بِدَمْعٍ قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَالصَّبْرُ أَفْضَل. (4)
فَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ
(1) ابن عابدين 1 / 598 (وحرفت العبارة فيه إلى أن الموت إن كان حدثا) .
(2)
الشرح الصغير 1 / 228.
(3)
نهاية المحتاج 2 / 428.
(4)
الهندية 1 / 157 وما بعدها، ومراقي الفلاح ص 305 وما بعدها.
أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ (1) . وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ (2) .
وَأَمَّا الْبُكَاءُ بِغَيْرِ صَوْتٍ فَيَدُل عَلَى جَوَازِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رُفِعَ إِلَيْهِ ابْنٌ لاِبْنَتِهِ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ (3) فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَقَال: هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ. (4)
وَقَوْل عُمَرَ: - فِي حَقِّ نِسَاءِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ - دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ (5) أَوْ لَقْلَقَةٌ (6) ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. (7)
(1) حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 165 - ط السلفية) ومسلم (1 / 100 - ط عيسى الحلبي) من حديث أبي موسى الأشعري. والصالقة: هي التي ترفع صوتها بالبكاء. والحالقة هي التي تحلق رأسها عند المصيبة. والشاقة هي التي تشق ثوبها عند المصيبة.
(2)
حديث: " ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 166 - ط السلفية) ومسلم (1 / 99 - ط عيسى الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود.
(3)
القعقعة هي حكاية صوت الشيء اليابس إذا حرك.
(4)
حديث: " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 151 - ط السلفية) ومسلم (2 / 636 - ط عيسى الحلبي) من حديث أسامة بن زيد.
(5)
النقع: التراب على الرأس.
(6)
اللقلقة: الصوت يعني رفعه.
(7)
أثر " دعهن يبكين على أبي سليمان. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 160 - ط السلفية) معلقا. والبيهقي (4 / 71 - ط دار المعرفة) موصولا. وعزاه ابن حجر إلى سنن سعيد بن منصور،. والتاريخ الأوسط والصغير للبخاري. (فتح الباري 3 / 161 - ط السلفية) .
وَفِي الصَّبْرِ رَوَى الْبُخَارِيُّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَال: اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي (1) . وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَقَال السَّرَّاجُ: قَدْ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ النَّوْحِ، وَالدَّعْوَى بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ (2) .
وَالْمُرَادُ بِالْبُكَاءِ فِي حَدِيثِ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ (3) النَّدْبُ، وَالنِّيَاحَةُ، وَإِنَّمَا يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ إِذَا أَوْصَى بِذَلِكَ. (4)
وَفِي غَايَةِ الْمُنْتَهَى مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ لَا يُكْرَهُ بُكَاءٌ عَلَى مَيِّتٍ قَبْل مَوْتٍ وَلَا بَعْدَهُ، بَل اسْتِحْبَابُ الْبُكَاءِ رَحْمَةً لِلْمَيِّتِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَحَرُمَ نَدْبٌ وَهُوَ بُكَاءٌ مَعَ تَعْدِيدِ مَحَاسِنِهِ، وَنَوْحٌ وَهُوَ رَفْعُ صَوْتٍ بِذَلِكَ بِرِقَّةٍ وَشَقِّ ثَوْبٍ، وَكُرِهَ
(1) حديث: " اتقي الله واصبري " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 125 - ط السلفية) . ومسلم (2 / 637 - ط عيسى الحلبي) من حديث أنس بن مالك.
(2)
الطحطاوي على مراقي الفلاح ص354
(3)
حديث: " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 151 - ط السلفية) ومسلم (2 / 638 - ط عيسى الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.
(4)
الدر وابن عابدين 1 / 633، والمقنع 1 / 284، 285.