الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَعْلَمُ - إِذَا انْصَرَفُوا - بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ (1) وَلأَِنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَبْلَغُ فِي التَّدَبُّرِ، وَنَفْعُهُ مُتَعَدٍّ لإِِيقَاظِ قُلُوبِ الْغَافِلِينَ (2) .
وَخَيْرُ مَا يُقَال فِي هَذَا الْمَقَامِ، مَا قَالَهُ صَاحِبُ مَرَاقِي الْفَلَاحِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الأَْحَادِيثِ وَأَقْوَال الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الإِْسْرَارِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالْجَهْرِ بِهِمَا " أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الأَْشْخَاصِ وَالأَْحْوَال وَالأَْوْقَاتِ وَالأَْغْرَاضِ، فَمَتَى خَافَ الرِّيَاءَ أَوْ تَأَذَّى بِهِ أَحَدٌ كَانَ الإِْسْرَارُ أَفْضَل، وَمَتَى فَقَدَ مَا ذَكَرَ، كَانَ الْجَهْرُ أَفْضَل (3) ".
وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِسْرَارٌ، وَذِكْرٌ) .
الْجَهْرُ بِالدُّعَاءِ:
28 -
الدُّعَاءُ سِرًّا أَفْضَل مِنْهُ جَهْرًا فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (4)
(1) حديث ابن عباس: " أن رفع الصوت بالذكر. . . " أخرجه مسلم (1 / 410 - ط الحلبي) .
(2)
صحيح مسلم بشرح النووي 5 / 84، ومراقي الفلاح ص 174.
(3)
مراقي الفلاح ص 174، وبريقة محمودية 4 / 54.
(4)
سورة الأعراف / 55.
وَلأَِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الإِْخْلَاصِ (1) وَبِذَلِكَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا إِذْ قَال مُخْبِرًا عَنْهُ {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} (2) وَالشَّرِيعَةُ مُقَرِّرَةٌ أَنَّ السِّرَّ فِيمَا لَمْ يَعْتَرِضْ مِنْ أَعْمَال الْبِرِّ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْجَهْرِ (3) .
وَعَدَّ الْغَزَالِيُّ خَفْضَ الصَّوْتِ بَيْنَ الْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرِ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ، وَاسْتَدَل بِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَْشْعَرِيَّ قَال: قَدِمْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ كَبَّرَ، وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ لَيْسَ بِأَصَمَّ وَلَا غَائِبٍ إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْنَاقِ رِقَابِكُمْ (4) وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فِي قَوْلِهِ عز وجل {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (5) أَيْ بِدُعَائِكَ (6) .
(1) كشاف القناع 1 / 367، وروضة الطالبين 1 / 268، وابن عابدين 2 / 175.
(2)
سورة مريم / 3.
(3)
تفسير القرطبي 7 / 223.
(4)
حديث: " إن الذي تدعون ليس بأصم. . . " تقدم تخريجه بهذا المعنى ف / 27.
(5)
سورة الإسراء / 110.
(6)
إحياء علوم الدين 1 / 313 ط مصطفى الحلبي. وأثر عائشة في تفسير قوله عز وجل " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " أخرجه البخاري (فتح الباري 8 / 405 ط السلفية) .