الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمُعَامَلَاتُهُ مَعَ الْغُزَاةِ، وَالأَْنْصَارِ، وَمَنْعُ الْعُدَاةِ وَالْكُفَّارِ (1) .
ب -
الْغَزْوُ:
3 -
الْغَزْوُ مَعْنَاهُ الطَّلَبُ، يُقَال: مَا مَغْزَاكَ مِنْ هَذَا الأَْمْرِ أَيْ مَا مَطْلَبُكَ، وَسُمِّيَ الْغَازِي، غَازِيًا لِطَلَبِهِ الْغَزْوَ (2) .
وَيُعْرَفُ كِتَابُ الْجِهَادِ فِي غَيْرِ كُتُبِ الْفِقْهِ بِكِتَابِ الْمَغَازِي، وَهُوَ أَيْضًا أَعَمُّ؛ لأَِنَّهُ جَمْعُ مَغْزَاةٍ مَصْدَرٌ لِغَزَا، إِنْزَالاً عَلَى الْوَحْدَةِ، وَالْقِيَاسُ غَزْوٌ، وَغَزْوَةٌ لِلْوَحْدَةِ، كَضَرْبَةٍ وَضَرْبٍ، وَهُمْ قَصْدُ الْعَدُوِّ لِلْقِتَال، خُصَّ فِي عُرْفِ الشَّارِعِ بِقِتَال الْكُفَّارِ (3) .
ج -
الرِّبَاطُ:
4 -
الرِّبَاطُ هُوَ الإِْقَامَةُ فِي مَكَانٍ لَيْسَ وَرَاءَهُ إِسْلَامٌ، وَيُتَوَقَّعُ هُجُومُ الْعَدُوِّ مِنْهُ لِقَصْدِ دَفْعِهِ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَالرِّبَاطُ تَأَهُّبٌ لِلْجِهَادِ، وَالأَْحَادِيثُ فِي فَضْلِهِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ
(1) ابن عابدين 4 / 217 ط دار إحياء التراث العربي، وفتح القدير 5 / 187، 188.
(2)
النظم المستعذب في شرح غريب المهذب 2 / 226.
(3)
فتح القدير 5 / 187 وما بعدها.
صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ (1)
. وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ: (رِبَاطٌ) .
تَدَرُّجُ مَشْرُوعِيَّةِ الْجِهَادِ:
5 -
الْجِهَادُ مَشْرُوعٌ بِالإِْجْمَاعِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَال (2) } إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْيَاتِ، وَلِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمْرِهِ بِهِ (3) وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ: مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ (4) .
وَقَدْ كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْل الْهِجْرَةِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ؛ لأَِنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّل الأَْمْرِ هُوَ التَّبْلِيغُ وَالإِْنْذَارُ، وَالصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ، وَالصَّفْحُ وَالإِْعْرَاضُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، وَبَدَأَ الأَْمْرَ بِالدَّعْوَةِ سِرًّا ثُمَّ جَهْرًا (5) .
قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيل (6) } وَقَال أَيْضًا: {ادْعُ إِلَى سَبِيل رَبِّكَ
(1) فتح القدير 5 / 188، وابن عابدين 3 / 217، 218، وحديث:" رباط يوم وليلة خير من صيام شهر. . . " أخرجه مسلم (3 / 1520 - ط الحلبي) .
(2)
سورة البقرة / 216
(3)
المغني 8 / 346، وكشاف القناع 3 / 32.
(4)
حديث: " من مات ولم يغز ولم يحدث. . . " أخرجه مسلم (3 / 1517 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(5)
القرطبي 1 / 722، وعمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير 2 / 46، وإمتاع الأسماع للمقريزي 1 / 51.
(6)
سورة الحجر / 85.
بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (1) } وَقَال أَيْضًا: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (2) } ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْقِتَال إِذَا ابْتَدَأَهُمُ الْكُفَّارُ بِالْقِتَال، وَكَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (3) } .
ثُمَّ شَرَعَ اللَّهُ الاِبْتِدَاءَ بِالْقِتَال عَلَى الإِْطْلَاقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً (4) } وَقَوْلِهِ: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً (5) } وَتُسَمَّى هَذِهِ آيَةُ السَّيْفِ، وَقِيل: هِيَ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (6) } .
وَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ (7) .
(1) سورة النحل / 125.
(2)
سورة الحجر / 94.
(3)
سورة الحج / 39.
(4)
سورة التوبة / 41.
(5)
سورة التوبة / 36.
(6)
سورة التوبة / 5.
(7)
حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 262 - ط السلفية) من حديث عمر بن الخطاب. وانظر: المبسوط للسرخسي 10 / 2، وروضة الطالبين 10 / 204، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 4 / 175.
وَالْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتْرَكَ الْجِهَادُ كُل سَنَةٍ مَرَّةً عَلَى الأَْقَل (1) . وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يُوَجِّهَ الإِْمَامُ كُل سَنَةٍ طَائِفَةً، وَيَزُجَّ بِنَفْسِهِ مَعَهَا أَوْ يُخْرِجَ بَدَلَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ؛ لِيَدْعُوَ الْكُفَّارَ لِلإِْسْلَامِ، وَيُرَغِّبَهُمْ فِيهِ، ثُمَّ يُقَاتِلَهُمْ إِذَا أَبَوْا؛ لأَِنَّ فِي تَعْطِيلِهِ أَكْثَر مِنْ سَنَةٍ مَا يُطَمِّعُ الْعَدُوَّ فِي الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ فِي السَّنَةِ إِلَى أَكْثَر مِنْ مَرَّةٍ وَجَبَ؛ لأَِنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فَوَجَبَ مِنْهُ مَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، فَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى تَأْخِيرِهِ لِضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ قِلَّةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي قِتَالِهِمْ مِنَ الْعُدَّةِ، أَوِ الْمَدَدِ الَّذِي يَسْتَعِينُ بِهِ، أَوْ يَكُونُ الطَّرِيقُ إِلَيْهِمْ فِيهَا مَانِعٌ، أَوْ لَيْسَ هُنَا مُؤَنٌ، أَوْ لِلطَّمَعِ فِي إِسْلَامِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأَْعْذَارِ، جَازَ تَأْخِيرُهُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ قُرَيْشًا عَشْرَ سِنِينَ (2) ، وَأَخَّرَ قِتَالَهُمْ حَتَّى نَقَضُوا الْهُدْنَةَ، وَأَخَّرَ قِتَال غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَبَائِل بِغَيْرِ هُدْنَةٍ؛ وَلأَِنَّهُ إِذَا كَانَ يُرْجَى مِنَ النَّفْعِ بِتَأْخِيرِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُرْجَى مِنَ النَّفْعِ بِتَقْدِيمِهِ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ (3) .
(1) ابن عابدين 3 / 218، والدسوقي 2 / 173، وجواهر الإكليل 1 / 251، والمهذب 2 / 226، وروضة الطالبين 10 / 208، والمغني 8 / 348، وكشاف القناع 3 / 36، والإنصاف 4 / 116.
(2)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح قريشا عشر سنين " أخرجه ابن إسحاق مرسلا عن الزهري كما في سيرة ابن هشام (2 / 317 - ط الحلبي) .
(3)
المهذب 2 / 226، والمغني 8 / 348، وكشاف القناع 3 / 36، والإنصاف 4 / 116.