الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يُفْسِدُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا:
44 -
تَفْسُدُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِمَا تَفْسُدُ بِهِ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ مِنَ الْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامِ، وَالْعَمَل الْكَثِيرِ وَغَيْرِهَا مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ، إِلَاّ الْمُحَاذَاةَ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُفْسِدَةٍ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ؛ لأَِنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِالْمُحَاذَاةِ عُرِفَ بِالنَّصِّ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا يَلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا، وَلِهَذَا لَمْ يَلْحَقْ بِهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ حَتَّى لَمْ تَكُنِ الْمُحَاذَاةُ فِيهَا مُفْسِدَةً، وَكَذَا الْقَهْقَهَةُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ لَا تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ؛ لأَِنَّ الْقَهْقَهَةَ مُبْطِلَةٌ بِالنَّصِّ الْوَارِدِ فِي صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ، فَلَا يُجْعَل وَارِدًا فِي غَيْرِهَا.
وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَعِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ، لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُصَلِّيَ فِيهَا وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا. (1) وَالْمُرَادُ بِقَبْرِ الْمَوْتَى الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ دُونَ الدَّفْنِ.
وَإِنَّمَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا حَضَرَتْ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَمَا فِي مَرَاقِي الْفَلَاحِ، وَلَكِنْ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ الأَْفْضَل أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جِنَازَةٍ
(1) حديث: " ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي. . . " أخرجه مسلم (1 / 568 - ط عيسى الحلبي) من حديث عقبة بن عامر.
حَضَرَتْ فِي تِلْكَ الأَْوْقَاتِ وَلَا يُؤَخِّرَهَا، بَل قَال الزَّيْلَعِيُّ: إِنَّ التَّأْخِيرَ مَكْرُوهٌ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: ثَلَاثٌ لَا تُؤَخِّرْهَا، الصَّلَاةُ إِذَا آنَتْ، وَالْجِنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ، وَالأَْيِّمُ إِذَا وَجَدْتَ لَهَا كُفْئًا. (1)
أَمَّا إِذَا حَضَرَتْ قَبْل الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ فَأَخَّرَهَا حَتَّى صَلَّى فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ وَتَجِبُ إِعَادَتُهَا. وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَكَذَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَبَعْدَ الْغُرُوبِ قَبْل صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، لَكِنْ يُبْدَأُ بَعْدَ الْغُرُوبِ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَوَّلاً، ثُمَّ بِالْجِنَازَةِ ثُمَّ بِالسُّنَّةِ. (2)
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَلَعَلَّهُ لِبَيَانِ الأَْفْضَلِيَّةِ، وَفِي الْحِلْيَةِ: الْفَتْوَى عَلَى تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَنْ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ، فَعَلَى هَذَا تُؤَخَّرُ عَنْ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ؛ لأَِنَّهَا آكَدُ.
وَقَال ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ أَنْ
(1) حديث: " ثلاث لا تؤخروهن، الصلاة إذا آنت، والجنازة. . . " أخرجه الترمذي (3 / 378 - ط مصطفى الحلبي) . وابن ماجه (1 / 476 - ط عيسى الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب. وقال الترمذي (هذا حديث غريب وما أرى إسناده بمتصل) .
(2)
المشرب الوردي ص 236، ومراقي الفلاح وحواشيه ص 107، 108، والدر مع ابن عابدين 1 / 261 - 263.