الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ -
التَّوْبَةُ:
30 -
لَيْسَ لِتَوْبَةِ الْمَحْبُوسِ وَنَحْوِهِ زَمَنٌ مُحَدَّدٌ تُعْرَفُ بِهِ، بَل يَعُودُ تَقْدِيرُ إِمْكَانِيَّةِ حُصُولِهَا إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ قَرَائِنَ نَتِيجَةَ الْمُرَاقَبَةِ وَالتَّتَبُّعِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْخُذَ أَهْل الْجَرَائِمِ بِالتَّوْبَةِ إِجْبَارًا وَيُظْهِرَ مِنَ الْوَعِيدِ عَلَيْهِمْ مَا يَقُودُهُمْ إِلَيْهَا طَوْعًا. وَمِنَ الأَْسْبَابِ الْمُعِينَةِ عَلَى التَّوْبَةِ تَمْكِينُ أَهْل الْمَحْبُوسِ وَجِيرَانِهِ مِنْ زِيَارَتِهِ. فَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تَحْصِيل الْمَقْصُودِ كَرَدِّ الْحُقُوقِ إِلَى أَصْحَابِهَا، وَذَلِكَ تَوْبَةٌ (1) .
31 -
عَلَى أَنَّ هُنَاكَ جَرَائِمَ جَسِيمَةً وَخَطِيرَةً تَسْتَلْزِمُ سُرْعَةَ ظُهُورِ التَّوْبَةِ؛ لِمَا فِي الإِْصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ مِنْ آثَارٍ خَطِيرَةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ: الرِّدَّةُ الَّتِي حُدِّدَتْ مُدَّةُ التَّوْبَةِ مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَيُقَال مِثْل ذَلِكَ فِي السِّحْرِ، وَتَرْكِ الصَّلَاةِ كَسَلاً عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا إِذَا حُبِسَ الزَّانِي الْبِكْرُ بَعْدَ حَدِّهِ وَظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ قَبْل السَّنَةِ فَلَا يُخْرَجُ حَتَّى تَنْقَضِيَ؛ لأَِنَّهَا بِمَعْنَى الْحَدِّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .
(1) المبسوط 20 / 90، وحاشية الدسوقي 3 / 281، وأسنى المطالب 2 / 188، والأحكام السلطانية للماوردي ص 220، وتبصرة الحكام 2 / 146، والبحر الزخار 5 / 23.
(2)
الاختيار 4 / 145، وشرح الخرشي 8 / 65، وأسنى المطالب 4 / 123، والإنصاف 10 / 328، والمغني لابن قدامة 2 / 442، والمجموع 3 / 16، والبداية لابن رشد 1 / 90، والفروق للقرافي 4 / 79، وتبصرة الحكام 2 / 260.
طَهَارَةُ الْمَحْبُوسِ مِنْ ذَنْبِهِ بِالْحَبْسِ تَعْزِيرًا:
32 -
يَبْدُو مِنْ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ التَّعْزِيرَ - وَالْحَبْسُ فَرْعٌ مِنْهُ - لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى تَكْفِيرِ الذَّنْبِ؛ لأَِنَّهُ شُرِعَ لِلزَّجْرِ الْمَحْضِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْحُدُودِ فَهِيَ كَفَّارَاتٌ لِمُوجِبَاتِهَا وَأَهْلِهَا (1) .
وَذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ: أَنَّ الْعُقُوبَةَ عَامَّةً كَفَّارَةٌ لِمُوجِبِهَا فِي الآْخِرَةِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأَْنْصَارِ بَعْدَ مُبَايَعَتِهِمْ لَهُ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقُوا وَلَا يَزْنُوا وَلَا يَقْتُلُوا أَوْلَادَهُمْ: وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ (2) . ثُمَّ قَال الشَّوْكَانِيُّ: وَقَوْلُهُ: عُوقِبَ بِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْعُقُوبَةُ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا لِدُخُول قَتْل الأَْوْلَادِ (3) .
الْحَبْسُ لِلاِسْتِيثَاقِ:
33 -
الاِسْتِيثَاقُ لُغَةً: إِحْكَامُ الأَْمْرِ وَأَخْذُهُ
(1) بدائع الصنائع 7 / 64، وحاشية ابن عابدين 4 / 4، والهداية 2 / 80، وتبصرة الحكام 2 / 301، والمغني لابن قدامة 8 / 326، وحاشية الباجوري 2 / 229، والفروع 6 / 61، وفتح الباري 1 / 66، وعمدة القاري 1 / 159، ونيل الأوطار 7 / 203 - 208.
(2)
حديث: " من أصاب من ذلك شيئا فعوقب به. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 84 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1333 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت.
(3)
نيل الأوطار 7 / 203 - 208.