الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَلْفَ الْجِنَازَةِ فَقَال: مَا دُونَ الْخَبَبِ (1) قَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: نَقَل ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّ الأَْمْرَ فِيهِ لِلاِسْتِحْبَابِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. (2)
وَأَمَّا مَا يُحْكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الإِْسْرَاعُ الشَّدِيدُ، فَقَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: مَال عِيَاضٌ إِلَى نَفْيِ الْخِلَافِ فَقَال: مَنِ اسْتَحَبَّهُ أَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَمَنْ كَرِهَهُ أَرَادَ الإِْفْرَاطَ فِيهِ كَالرَّمَل. (3)
وَكَذَا يُسْتَحَبُّ الإِْسْرَاعُ بِتَجْهِيزِهِ كُلِّهِ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ، فَلَوْ جُهِّزَ الْمَيِّتُ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ الْعَظِيمُ، وَلَوْ خَافُوا فَوْتَ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ دَفْنِهِ يُؤَخَّرُ الدَّفْنُ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا، بِالإِْسْرَاعِ بِتَجْهِيزِهِ إِلَاّ إِذَا شُكَّ فِي مَوْتِهِ، وَيُقَدَّمُ رَأْسُ الْمَيِّتِ فِي حَال الْمَشْيِ بِالْجِنَازَةِ (4) .
تَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ:
14 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ تَشْيِيعَ الرِّجَال لِلْجِنَازَةِ سُنَّةٌ؛ لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَمَرَنَا
(1) حديث ما دون الخبب أخرجه أبو داود (3 / 525 ط عزت عبيد الدعاس) والترمذي (3 / 323 مصطفى الحلبي) وضعفاه وهو حديث عبد الله بن مسعود
(2)
فتح الباري 3 / 119.
(3)
المرجع السابق.
(4)
الشرح الصغير 1 / 226، وشرح البهجة 2 / 82، والهندية 1 / 159.
رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ (1) وَالأَْمْرُ هُنَا لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ لِلإِْجْمَاعِ، وَقَال الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ اتِّبَاعَ الْجِنَازَةِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْكِفَايَةِ. (2)
وَقَال الشَّيْخُ مَرْعِي الْحَنْبَلِيُّ: اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ سُنَّةٌ، قَال الْحَنَفِيَّةُ اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ أَفْضَل مِنَ النَّوَافِل إِذَا كَانَ لِجِوَارٍ وَقَرَابَةٍ، أَوْ صَلَاحٍ مَشْهُورٍ، وَالأَْفْضَل لِمُشَيِّعِ الْجِنَازَةِ الْمَشْيُ خَلْفَهَا، وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ عَلَى مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ " لِحَدِيثِ الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَا تُتْبَعُ لَيْسَ مَعَهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا (3) إِلَاّ أَنْ يَكُونَ خَلْفَهَا نِسَاءٌ فَالْمَشْيُ أَمَامَهَا أَحْسَنُ، وَلَكِنْ إِنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا (بِحَيْثُ يُعَدُّ مَاشِيًا وَحْدَهُ أَوْ تَقَدَّمَ الْكُل، وَتَرَكُوهَا خَلْفَهُمْ لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ) أَوْ رَكِبَ أَمَامَهَا كُرِهَ، وَأَمَّا الرُّكُوبُ خَلْفَهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَالْمَشْيُ أَفْضَل، وَالْمَشْيُ عَنْ يَمِينِهَا أَوْ يَسَارِهَا خِلَافُ الأَْوْلَى، لأَِنَّ فِيهِ تَرْكَ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ اتِّبَاعُهَا. (4) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: الْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَل،
(1) حديث: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنائز " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 112 ط السلفية) ومسلم (3 / 1635 ط عيسى الحلبي) من حديث البراء بن عازب.
(2)
ابن عابدين 1 / 624، والهندية 1 / 159، والفتح 3 / 125، وشرح مسلم للنووي 1 / 188.
(3)
حديث: " الجنازة متبوعة ولا تتبع، ليس معها من تقدمها " أخرجه أبو داود (3 / 525 ط عزت عبيد الدعاس) والترمذي (3 / 323 ط مصطفى الحلبي) من حديث ابن مسعود، وضعفا الحديث وعزا الترمذي كذلك تضعيفه للبخاري.
(4)
الغاية 1 / 240، والهندية 1 / 159، والدر وابن عابدين 1 / 624.
لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ (1) . وَرُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ كِلَا الأَْمْرَيْنِ وَقَدْ قَال عَلِيٌّ: إِنَّ فَضْل الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الَّذِي يَمْشِي أَمَامَهَا كَفَضْل صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ. وَقَال الثَّوْرِيُّ: كُل ذَلِكَ فِي الْفَضْل سَوَاءٌ. (2)
15 -
وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُنَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْجِنَازَةِ، فَفِي الدُّرِّ يُكْرَهُ خُرُوجُهُنَّ تَحْرِيمًا، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ. (3) وَلِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. (4) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم
(1) حديث: " لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة " أخرجه أحمد (7 / 266 / 6042 ط دار المعارف)(وأبو داود 3 / 522 ط عزت عبيد الدعاس) والترمذي (3 / 329 ط مصطفى الحلبي) من حديث ابن عمر، وصحح الحديث أحمد شاكر في المسند (7 / 266 ط دار المعارف) .
(2)
بداية المجتهد 213، والأم 1 / 240، والغاية 1 / 246، والمرقاة 2 / 263، والفتح 3 / 119، والزرقاني على الموطأ 2 / 156.
(3)
حديث: " ارجعن مأزورات غير مأجورات " أخرجه ابن ماجه (1 / 502 - 503 ط عيسى الحلبي) من حديث علي ابن أبي طالب. ضعفه البوصيري في الزوائد (2 / 44 ط الدار العربية) قال الهيثمي رواه أبو يعلى وفيه الحارث بن زياد، قال الذهبي: ضعفوه (مجمع الزوائد 3 / 28 ط دار الكتاب العربي) .
(4)
حديث: " نهينا عن اتباع الجنائز " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 144 ط السلفية) ومسلم (2 / 646 ط عيسى الحلبي) من حديث أم عطية.
لِفَاطِمَةَ: لَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى (الْمَقَابِرَ)(1) وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَال النَّوَوِيُّ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَفَسَّرَ قَوْل أُمِّ عَطِيَّةَ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ نَهْيَ كَرَاهِيَةِ تَنْزِيهٍ، لَا نَهْيَ عَزِيمَةٍ وَتَحْرِيمٍ. (2)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: جَازَ خُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ (كَبِيرَةُ السِّنِّ) لِجِنَازَةٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا شَابَّةٌ لَا تُخْشَى فِتْنَتُهَا، لِجِنَازَةِ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيْهَا، كَأَبٍ، وَأُمٍّ، وَزَوْجٍ، وَابْنٍ، وَبِنْتٍ، وَأَخٍ، وَأُخْتٍ، أَمَّا مَنْ تُخْشَى فِتْنَتُهَا فَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا مُطْلَقًا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: كُرِهَ أَنْ تَتْبَعَ الْجِنَازَةَ امْرَأَةٌ وَحَكَى الشَّوْكَانِيُّ عَنِ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّهُ قَال: إِذَا أُمِنَ مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ الزَّوْجِ وَالتَّبَرُّجِ وَمَا يَنْشَأُ مِنَ الصِّيَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنَ الإِْذْنِ لَهُنَّ، ثُمَّ قَال الشَّوْكَانِيُّ: هَذَا الْكَلَامُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الأَْحَادِيثِ الْمُتَعَارِضَةِ. (3)
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَإِذَا كَانَ مَعَ الْجِنَازَةِ نَائِحَةٌ أَوْ
(1) حديث: " لعلك بلغت معهم الكدى (المقابر) " أخرجه أبو داود (3 / 490 - 491 ط عزت عبيد الدعاس) والنسائي (4 / 27 ط دار البشائر الإسلامية) وأحمد (10 / 106 - 107 ط دار المعارف. وقال أحمد شاكر: إسناده حسن) .
(2)
ابن عابدين 1 / 208، 304، 624، وشرح مسلم 1 / 504.
(3)
الشرح الصغير طبعة دار المعارف 1 / 566، وغاية المنتهى 1 / 246، ونيل الأوطار 4 / 95.