الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْضًا؛ لأَِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَتَل أَبَاهُ، وَقَال لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَمِعْتُهُ يَسُبُّكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ (1) .
هـ -
 الْغَدْرُ، وَالْغُلُول، وَالْمُثْلَةُ:
31 -
صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ فِي الْجِهَادِ الْغَدْرُ وَالْغُلُول، وَالتَّمْثِيل بِالْقَتْلَى، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا (2) .
وَالْغُلُول فِي الْجِهَادِ الْخِيَانَةُ فِي الْمَغْنَمِ بِأَنْ يُخْفِيَ مَا وَقَعَ فِي يَدِهِ، فَلَا يَحِل لأَِحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مِمَّا غَنِمَ شَيْئًا، خَيْطًا فَمَا فَوْقَهُ، بَل يَضُمُّهُ إِلَى الْمَغَانِمِ.
وَأَمَّا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ وَعَلَفِ الدَّوَابِّ وَالسِّلَاحِ، فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ (3) . وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (غَنِيمَةٌ)(وَغُلُولٌ) .
وَالْغَدْرُ: الْخِيَانَةُ وَنَقْضُ الْعَهْدِ.
وَكُل ذَلِكَ مُحَرَّمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
(1) ابن عابدين 3 / 225، 226، ونهاية المحتاج 8 / 64 وما بعدها، والمهذب 2 / 233، وروضة الطالبين 10 / 243. وحديث:" مقالة أبي عبيدة: سمعته يسبك " أخرجه أبو داود في المراسيل كما في التلخيص لابن حجر (4 / 102 - ط شركة الطباعة الفنية) من حديث مالك بن عمير مرسلا.
(2)
حديث: " لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا " أخرجه مسلم (3 / 1357 - ط الحلبي) من حديث بريدة.
(3)
ابن عابدين 3 / 224، وجواهر الإكليل 1 / 254، 255، وحاشية الدسوقي 2 / 179، والمغني 8 / 494.
آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) } ، وقَوْله تَعَالَى:{إِلَاّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (2) } ، لَكِنْ إِنْ نَقَضَ الْكُفَّارُ الْعَهْدَ جَازَ قِتَالُهُمْ مِنْ غَيْرِ نَبْذٍ إِلَيْهِمْ، أَمَّا إِنْ بَدَتْ مِنَ الْكُفَّارِ أَمَارَاتُ نَقْضِ الْعَهْدِ جَازَ نَبْذُ الْعَهْدِ إِلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (3) } وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ (4) يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (عَهْدٌ) وَ (مُعَاهَدَةٌ) وَ (أَمَانٌ) .
أَمَّا الْمُثْلَةُ فَهِيَ الْعُقُوبَةُ الشَّنِيعَةُ مِنْ مِثْل قَطْعِ الأَْنْفِ، وَالأُْذُنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهِيَ مَا كَانَتِ ابْتِدَاءً عَلَى غَيْرِ جَزَاءٍ، وَلَكِنْ لَوْ أَنَّ شَخْصًا جَنَى عَلَى قَوْمٍ جِنَايَاتٍ فِي أَعْضَاءٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، لَمَا كَانَ التَّشْوِيهُ الَّذِي حَصَل لَهُ مِنَ الْمُثْلَةِ.
وَحَاصِل هَذَا أَنَّ الْمُثْلَةَ بِمَنْ مَثَّل جَزَاءٌ، ثَابِتٌ وَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، وَالْمُثْلَةُ بِمَنِ اسْتَحَقَّ الْقَتْل لَا عَنْ مُثْلَةٍ لَا تَحِل. وَتَأْسِيسًا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِحَمْل رَأْسِ الْمُشْرِكِ لَوْ فِيهِ غَيْظُهُمْ وَفِيهِ فَرَاغُ قُلُوبِنَا بِانْدِفَاعِ شَرِّهِ.
(1) سورة المائدة / 1.
(2)
سورة التوبة / 4.
(3)
سورة الأنفال / 58.
(4)
المغني 10 / 516 - 522 - ط المنار الأولى.