الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالتَّحْسِينُ بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ الشَّرْعِيِّ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَقْل يَسْتَقِل بِإِدْرَاكِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، وَالأَْشَاعِرَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ مَصْدَرَهُ الشَّرْعُ، وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَقْل يَسْتَقِل بِإِدْرَاكِ حُسْنِ وَقُبْحِ بَعْضِ الأَْفْعَال، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَأْتِيَ الشَّرْعُ عَلَى وَفْقِ إِدْرَاكِنَا كَحَالَةٍ خَفِيَتْ عَلَى عُقُولِنَا. (1)
وَالتَّحْسِينَاتُ كَمَقْصِدٍ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ هِيَ الأَْخْذُ بِمَا يَلِيقُ مِنْ مَحَاسِنِ الْعَادَاتِ وَتَجَنُّبُ الأَْحْوَال الْمُدَنَّسَاتِ الَّتِي تَأْنَفُهَا الْعُقُول الرَّاجِحَاتُ، وَيَجْمَعُ ذَلِكَ قِسْمُ مَكَارِمِ الأَْخْلَاقِ وَالصِّفَاتِ. (2)
أَوْ هِيَ مَا لَا تَدْعُو إِلَيْهَا ضَرُورَةٌ وَلَا حَاجَةٌ وَلَكِنْ تَقَعُ مَوْقِعَ التَّحْسِينِ وَالتَّيْسِيرِ وَرِعَايَةِ أَحْسَنِ الْمَنَاهِجِ فِي الْعَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ. (3)
وَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ التَّحْسِينَاتُ رُتْبَةً أَدْنَى مِنْ رُتْبَةِ الْحَاجِيَّاتِ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيل هَذَا فِي مُصْطَلَحِ (تَحْسِينٌ) وَفِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
ج -
الاِسْتِصْلَاحُ:
4 -
الْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ مَا لَا يَشْهَدُ لَهَا أَصْلٌ مِنَ الشَّارِعِ لَا بِالاِعْتِبَارِ وَلَا بِالإِْلْغَاءِ. (4)
(1) كشف الأسرار 4 / 230، طبع دار سعادات باسطنبول، وشرح الكوكب المنير 1 / 302.
(2)
الموافقات 2 / 11.
(3)
المستصفى 1 / 286 - 290، والأحكام للآمدي 3 / 49.
(4)
جمع الجوامع 2 / 284، والأحكام للآمدي 3 / 138، وإرشاد الفحول / 218.
وَتَنْقَسِمُ إِلَى ضَرُورِيٍّ وَحَاجِيٍّ وَتَحْسِينِيٍّ. وَهِيَ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنَ الْحَاجَةِ.
د -
الرُّخْصَةُ:
5 -
الرُّخْصَةُ هِيَ مَا اسْتُبِيحَ بِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ الدَّلِيل الْمُحَرِّمِ، أَوْ هِيَ مَا بُنِيَ عَلَى أَعْذَارِ الْعِبَادِ. (1)
وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ الرُّخْصَةَ أَثَرٌ لِلْحَاجَةِ.
الاِحْتِجَاجُ بِهَا:
6 -
الْحَاجَةُ مَرْتَبَةٌ وَسَطٌ بَيْنَ مَرَاتِبِ الْمَصْلَحَةِ، وَفِي الاِحْتِجَاجِ بِهَا خِلَافٌ بَيْنَ الأُْصُولِيِّينَ. قَال الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى: إِنْ وَقَعَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي مَحَل الْحَاجَةِ فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِهَا إِنْ لَمْ تَعْتَضِدْ بِأَصْلٍ، إِلَاّ أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الضَّرُورَاتِ، فَلَا بُعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ. وَمِثْل ذَلِكَ فِي رَوْضَةِ النَّاظِرِ.
وَمِنْ هُنَا قَوْل بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَنْزِل مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ إِذَا عَمَّتْ. وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ هُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ فِي الاِعْتِصَامِ، وَعَزَا هَذَا الْقَوْل إِلَى الْقَاضِي وَطَائِفَةٍ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: هُوَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ، وَبِنَاءُ الأَْحْكَامِ عَلَيْهِ عَلَى الإِْطْلَاقِ، وَهُوَ لِلإِْمَامِ مَالِكٍ، قَال الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ: هِيَ حُجَّةٌ عِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ بِدَلِيل أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ الرُّسُل لِتَحْصِيل مَصَالِحِ الْعِبَادِ عَمَلاً بِالاِسْتِقْرَاءِ فَمَهْمَا
(1) التعريفات للجرجاني.