الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَضَرَ الْمَاءُ أَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الرَّجُل إِنَاءً مِنْ مَاءٍ فَقَال: اغْتَسِل بِهِ. (1)
وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حِينَ تَيَمَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ وَصَلَّى بِالنَّاسِ فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ. (2)
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَعْزُبُ فِي الإِْبِل وَتُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال لَهُ: إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسُّهُ بَشَرَتَهُ (3) . قَال النَّوَوِيُّ: وَكُلُّهَا أَحَادِيثُ صِحَاحٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْحَدَثَ مَا ارْتَفَعَ، إِذْ لَوِ ارْتَفَعَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الاِغْتِسَال (4) .
مَا يَحْرُمُ فِعْلُهُ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ:
10 -
يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الصَّلَاةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ
(1) حديث: " أعطى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل إناء من ماء فقال اغتسل به. " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 447 - 448 - ط السلفية) ومسلم (1 / 475 - ط السلفية) .
(2)
حديث: " صليت بأصحابك. . . . " أخرجه أبو داود (1 / 238 - تحقيق عزت عبيد دعاس) عن عمرو بن العاص. وقواه ابن حجر في الفتح (1 / 454 - ط السلفية) .
(3)
حديث: " الصعيد الطيب طهور المسلم. . . " سبق تخريجه ف / 9.
(4)
البدائع 1 / 44 - 45، 55، والفروق للقرافي 2 / 114، 116، الفرق الثاني والثمانون، ومنح الجليل 1 / 86 إلى 89، ومغني المحتاج 1 / 97 - 98، والمجموع 2 / 210، 223، والاختيارات الفقهية لابن تيمية ص 22، والمغني 1 / 252.
فَرْضًا أَمْ نَفْلاً؛ لأَِنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا تُقْبَل صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ. (1)
وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. وَيَشْمَل ذَلِكَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ (2) .
11 -
وَيَحْرُمُ كَذَلِكَ الطَّوَافَ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلاً؛ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَاّ أَنَّ اللَّهَ أَحَل لَكُمْ فِيهِ الْكَلَامَ (3) وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الطَّوَافُ مِمَّنْ كَانَ جُنُبًا، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ طَوَافَ الْجُنُبِ صَحِيحٌ وَلَكِنْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لأَِنَّ الطَّهَارَةَ فِي الطَّوَافِ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ شَرْطًا وَإِنَّمَا هِيَ وَاجِبَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال: الْبَدَنَةُ تَجِبُ فِي الْحَجِّ فِي مَوْضِعَيْنِ: إِذَا طَافَ جُنُبًا، وَالثَّانِي: إِذَا جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ (4) .
(1) حديث: " لا تقبل صلاة بغير طهور " أخرجه مسلم (1 / 204 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.
(2)
البدائع 1 / 33، 37، وجواهر الإكليل 1 / 21، 23، ومغني المحتاج 1 / 36، 71، والمجموع 2 / 68، 69، وشرح منتهى الإرادات 1 / 72، 83
(3)
حديث: " الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أحل لكم فيه الكلام " أخرجه الترمذي (3 / 284 - ط الحلبي) والحاكم (1 / 459 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عباس. واللفظ للحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.
(4)
البدائع 2 / 129، والاختيار 1 / 163، وجواهر الإكليل 1 / 21، 23، ومغني المحتاج 1 / 36، 71، والمجموع 2 / 159، وشرح المنتهى 1 / 72، 83.
12 -
وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا لِلْقُرْآنِ، أَمْ كَانَ جُزْءًا أَمْ وَرَقًا مَكْتُوبًا فِيهِ بَعْضُ السُّوَرِ، وَكَذَا مَسُّ جِلْدِهِ الْمُتَّصِل بِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا يَمَسُّهُ إِلَاّ الْمُطَهَّرُونَ (1) } وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَاّ طَاهِرٌ (2) .
13 -
وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ كَذَلِكَ حَمْل الْقُرْآنِ إِلَاّ إِذَا كَانَ بِأَمْتِعَةٍ، وَالأَْمْتِعَةُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، أَوْ كَانَ حَمْلُهُ لِضَرُورَةٍ، كَخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ حَمْلَهُ بِعَلَاّقَةٍ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَجُوزُ حَمْل الْمُصْحَفِ بِعَلَاّقَتِهِ وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ وَأَبِي وَائِلٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مَاسٍّ لَهُ كَمَا لَوْ حَمَلَهُ فِي رَحْلِهِ.
14 -
وَيَحْرُمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ؛ لأَِنَّهُ يَصِيرُ بِمَسِّهَا مَاسًّا لِلْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْعِبْرَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْقِلَّةِ
(1) سورة الواقعة / 79.
(2)
حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر " أخرجه الحاكم (1 / 397 - ط دائرة المعارف العثمانية) ثم أورد له شاهدا من حديث حكيم بن حزام (3 / 485) وصححه ووافقه الذهبي.
وَالْكَثْرَةِ، فَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ كَبَعْضِ كُتُبِ غَرِيبِ الْقُرْآنِ حَرُمَ مَسُّهُ، وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ لَا يَحْرُمُ مَسُّهُ فِي الأَْصَحِّ.
وَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ - غَيْرَ ابْنِ عَرَفَةَ - وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ مُصْحَفٍ.
15 -
وَيَحْرُمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَسُّ الدَّرَاهِمِ الَّتِي عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ؛ لأَِنَّ الدَّرَاهِمَ كَالْوَرَقَةِ الَّتِي كُتِبَ فِيهَا قُرْآنٌ، وَكَرِهَ ذَلِكَ عَطَاءٌ وَالْقَاسِمُ وَالشَّعْبِيُّ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمُصْحَفِ فَأَشْبَهَتْ كُتُبَ الْفِقْهِ؛ وَلأَِنَّ فِي الاِحْتِرَازِ مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّةً، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، وَالْبَلْوَى تَعُمُّ، فَعُفِيَ عَنْهُ.
16 -
وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ أَنْ يَكْتُبَ الْقُرْآنَ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَكْتُبَ؛ لأَِنَّ كِتَابَةَ الْحُرُوفِ تَجْرِي مَجْرَى الْقِرَاءَةِ (1) .
17 -
وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ
(1) البدائع 1 / 33، 37، 38، ومنح الجليل 1 / 70 - 71، 78 - 79، والشرح الصغير 1 / 57، 67 ط الحلبي، ومغني المحتاج 1 / 36 - 37، 72، والمجموع شرح المهذب 2 / 69 - 73، 159 - 162، والمغني 1 / 143 - 144، 147 - 148.