الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْبَوَّابُ وَالنَّقِيبُ:
2 -
عَقَدَ الشَّيْخُ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ صِلَةً وَمُقَارَنَةً بَيْنَ الْحَاجِبِ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنَ الْبَوَّابِ وَالنَّقِيبِ فَقَال:
الْحَاجِبُ: مَنْ يَدْخُل عَلَى الْقَاضِي لِلاِسْتِئْذَانِ. وَالْبَوَّابُ: مَنْ يَقْعُدُ بِالْبَابِ لِلإِْحْرَازِ.
وَالنَّقِيبُ: مَنْ وَظِيفَتُهُ تَرْتِيبُ الْخُصُومِ وَالإِْعْلَامُ بِمَنَازِل النَّاسِ (1) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
بَحَثَ الْفُقَهَاءُ حُكْمَ الْحَاجِبِ فِي مَوَاطِنَ مِنْهَا:
أَوَّلاً: غَسْل الْحَاجِبِ فِي الْوُضُوءِ:
3 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل الْحَاجِبِ الْخَفِيفِ. . شَعْرًا وَمَنْبَتًا بِإِيصَال الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ إِنْ كَانَتْ تَظْهَرُ تَحْتَ الشَّعْرِ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ؛ لأَِنَّ الَّذِي لَا يَسْتُرُهُ شَعْرٌ يُشْبِهُ مَا لَا شَعْرَ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ غَسْل الشَّعْرِ تَبَعًا لِلْمَحَل، وَلأَِنَّهُ لَا حَرَجَ فِي غَسْل مَنْبَتِ شَعْرِ الْحَاجِبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِخِفَّةِ الشَّعْرِ.
4 -
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْحَاجِبِ الْكَثِيفِ:
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ)
(1) لسان العرب، وأسنى المطالب 4 / 297 - 298.
إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل أُصُول شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ إِذَا كَانَا كَثِيفَيْنِ وَيُكْتَفَى بِغَسْل ظَاهِرِ الشَّعْرِ؛ لأَِنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا دَاخِلَيْنِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ إِلَاّ أَنَّ فِي إِيجَابِ غَسْل أُصُول شَعْرِهِمَا حَرَجًا، وَلأَِنَّ مَحَل الْفَرْضِ اسْتَتَرَ بِحَائِلٍ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُوَاجِهُ النَّاظِرَ إِلَيْهِ فَسَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ وَتَحَوَّل إِلَى الْحَائِل.
لَكِنْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَخْلِيل شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ أَوْ غَسْل بَاطِنِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُسَنُّ تَخْلِيل الشَّعْرِ الْكَثِيفِ بِالْحَاجِبَيْنِ فِي الْوُضُوءِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ، أَمَّا الْمُحْرِمُ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِئَلَاّ يَسْقُطَ الشَّعْرُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ: يُكْرَهُ التَّخْلِيل.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ غَسْل بَاطِنِ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ إِذَا كَانَ كَثِيفًا فِي الْوُضُوءِ. خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل الْحَاجِبَيْنِ شَعْرًا وَبَشَرًا، أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا لِنُدْرَةِ كَثَافَتِهِ فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ وَهُوَ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ (1) .
ثَانِيًا - صَلَاةُ الْعَاجِزِ إِيمَاءً بِالْحَاجِبِ:
5 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ
(1) رد المحتار 1 / 61، وشرح الزرقاني 1 / 56، ونهاية المحتاج 1 / 154، وكشاف القناع 1 / 96 - 97.
الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ إِلَاّ بِهَذِهِ الأَْرْكَانِ - وَغَيْرِهَا - لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ إِذَا عَجَزَ الْمُصَلِّي عَنِ الْقِيَامِ يُصَلِّي قَاعِدًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ. فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يُصَلِّي قَاعِدًا بِالإِْيمَاءِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْقُعُودِ يَسْتَلْقِي وَيُومِئُ إِيمَاءً؛ لأَِنَّ سُقُوطَ أَيٍّ مِنَ الأَْرْكَانِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْعُذْرِ، وَالإِْيمَاءُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ هُوَ تَحْرِيكُ الرَّأْسِ.
6 -
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَجَزَ عَنِ الإِْيمَاءِ بِتَحْرِيكِ رَأْسِهِ، وَاخْتِلَافُهُمْ هُنَا يَحْسُنُ مَعَهُ إِيرَادُ كُل مَذْهَبٍ عَلَى حِدَةٍ.
الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ عَجَزَ عَنِ الإِْيمَاءِ وَهُوَ تَحْرِيكُ الرَّأْسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا، فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّةٌ صَلَّى جَالِسًا، فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّةٌ صَلَّى نَائِمًا يُومِئُ بِرَأْسِهِ، فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّةٌ سَبَّحَ (1) .
أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَعْذُورٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ الإِْيمَاءُ بِغَيْرِ تَحْرِيكِ الرَّأْسِ كَالْحَاجِبِ لَمَا كَانَ مَعْذُورًا، وَلأَِنَّ الإِْيمَاءَ
(1) حديث: " ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصلي المريض قائما، فإن نالته مشقة صلى جالسا، فإن نالته مشقة صلى نائما يومئ برأسه، فإن نالته مشقة سبح " ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 149 - ط القدسي) وقال: رواه الطبراني في الأوسط وقال: لم يروه
لَيْسَ بِصَلَاةٍ حَقِيقِيَّةٍ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّنَفُّل بِهِ فِي حَالَةِ الاِخْتِيَارِ، وَلَوْ كَانَ صَلَاةً لَجَازَ كَمَا لَوْ تَنَفَّل قَاعِدًا إِلَاّ أَنَّهُ أُقِيمَ مُقَامَ الصَّلَاةِ بِالشَّرْعِ، وَالشَّرْعُ وَرَدَ بِالإِْيمَاءِ بِالرَّأْسِ فَلَا يُقَامُ غَيْرُهُ مُقَامَهُ.
وَقَال زُفَرُ: لَوْ عَجَزَ عَنِ الإِْيمَاءِ بِتَحْرِيكِ الرَّأْسِ يُومِئُ بِالْحَاجِبَيْنِ أَوَّلاً، فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْعَيْنَيْنِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ؛ لأَِنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ دَائِمٌ لَا يَسْقُطُ إِلَاّ بِالْعَجْزِ، فَمَا عَجَزَ عَنْهُ يَسْقُطُ وَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ بِقَدْرِهِ، فَإِذَا قَدَرَ بِالْحَاجِبَيْنِ كَانَ الإِْيمَاءُ بِهِمَا أَوْلَى لأَِنَّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى الرَّأْسِ، فَإِنْ عَجَزَ يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ لأَِنَّهُمَا مِنَ الأَْعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ، وَجَمِيعُ الْبَدَنِ ذُو حَظٍّ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ فَكَذَا الْعَيْنَانِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْقَلْبِ؛ لأَِنَّهُ فِي الْجُمْلَةِ ذُو حَظٍّ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ النِّيَّةُ، أَلَا تَرَى أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُ صِحَّتِهَا، فَعِنْدَ الْعَجْزِ تَنْتَقِل إِلَيْهِ.
وَقَال الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ وَحَاجِبَيْهِ وَلَا يُومِئُ بِقَلْبِهِ؛ لأَِنَّ أَرْكَانَ الصَّلَاةِ تُؤَدَّى بِالأَْعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ، أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَلَا حَظَّ لَهَا مِنْ أَرْكَانِهَا بَل لَهَا حَظٌّ مِنَ الشَّرْطِ وَهُوَ النِّيَّةُ، وَهِيَ قَائِمَةٌ أَيْضًا عِنْدَ الإِْيمَاءِ فَلَا يُؤَدَّى بِهِ الأَْرْكَانُ وَالشَّرْطُ جَمِيعًا (1) .
وَقَال الْمَازِرِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَاّ عَلَى النِّيَّةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى
(1) بدائع الصنائع 1 / 105 - 107