الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَهْل بِالتَّحْرِيمِ مُسْقِطٌ لِلإِْثْمِ وَالْحُكْمِ فِي الظَّاهِرِ:
7 -
الْجَهْل بِالتَّحْرِيمِ مُسْقِطٌ لِلإِْثْمِ وَالْحُكْمِ فِي الظَّاهِرِ لِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالإِْسْلَامِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ عَلِمَهُ وَجَهِل الْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ لَمْ يُعْذَرْ.
وَلِهَذَا لَوْ جَهِل تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ عُذِرَ، وَلَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِل الإِْبْطَال بَطَلَتْ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ يَحْرُمُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالْمِقْدَارَ الَّذِي نَطَقَ بِهِ مُحَرَّمٌ فَمَعْذُورٌ فِي الأَْصَحِّ. وَقَدْ ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ هُنَا تَنْبِيهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، بَل يَجْرِي فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ، فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: لَوْ أَنَّ رَجُلاً قَتَل رَجُلاً وَادَّعَى الْجَهْل بِتَحْرِيمِ الْقَتْل وَكَانَ مِثْلُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ يُقْبَل قَوْلُهُ فِي إِسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، قَال الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيمَا قَالَهُ (الْقَاضِي) نَظَرٌ قَوِيٌّ.
الثَّانِي: أَنَّ إِعْذَارَ الْجَاهِل مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ لَا مِنْ حَيْثُ جَهْلُهُ.
وَلِهَذَا قَال الشَّافِعِيُّ: لَوْ عُذِرَ الْجَاهِل لأَِجْل جَهْلِهِ لَكَانَ الْجَهْل خَيْرًا مِنَ الْعِلْمِ، إِذْ كَانَ يَحُطُّ عَنِ الْعَبْدِ أَعْبَاءَ التَّكْلِيفِ، وَيُرِيحُ قَلْبَهُ مِنْ ضُرُوبِ التَّعْنِيفِ، فَلَا حُجَّةَ لِلْعَبْدِ فِي جَهْلِهِ بِالْحُكْمِ بَعْدَ التَّبْلِيغِ وَالتَّمْكِينِ (1) ؛ {لِئَلَاّ يَكُونَ
(1) المنثور 2 / 15 - 17.
لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل} (1) .
قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ: كُل مَسْأَلَةٍ تَدِقُّ وَيَغْمُضُ مَعْرِفَتُهَا هَل يُعْذَرُ فِيهَا الْعَامِّيُّ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ (2) .
الْجَهْل بِمَعْنَى اللَّفْظِ مُسْقِطٌ لِحُكْمِهِ:
8 -
إِذَا نَطَقَ الأَْعْجَمِيُّ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ، أَوْ إِيمَانٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ إِعْتَاقٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِمُقْتَضَاهُ، وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ إِذَا نَطَقَ الْعَرَبِيُّ بِمَا يَدُل عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِلَفْظٍ أَعْجَمِيٍّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ. نَعَمْ، لَوْ قَال الأَْعْجَمِيُّ: أَرَدْتُ بِهِ مَا يُرَادُ عِنْدَ أَهْلِهِ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: كَذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ؛ فَإِنَّ الإِْرَادَةَ لَا تَتَوَجَّهُ إِلَاّ إِلَى مَعْلُومٍ أَوْ مَظْنُونٍ؛ لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى اللَّفْظِ لَمْ يَصِحَّ قَصْدُهُ.
وَلَوْ نَطَقَ الْعَرَبِيُّ بِكَلِمَاتٍ عَرَبِيَّةٍ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَعَانِيَهَا فِي الشَّرْعِ، مِثْل قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ، وَهُوَ جَاهِلٌ بِمَعْنَى اللَّفْظِ، أَوْ نَطَقَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوِ النِّكَاحِ، فَفِي الْقَوَاعِدِ لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ؛ إِذْ لَا شُعُورَ لَهُ بِمَدْلُولِهِ حَتَّى يَقْصِدَهُ بِاللَّفْظِ. قَال: وَكَثِيرًا مَا يُخَالِعُ الْجُهَّال
(1) سورة النساء / 165
(2)
المنثور 2 / 14.