الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَبْسُ بِقَصْدِ الْعُقُوبَةِ وَالتَّعْزِيرِ وَمُوجِبَاتُهُ:
13 -
الْحَبْسُ بِقَصْدِ الْعُقُوبَةِ يَكُونُ فِي الأَْفْعَال وَالْجَرَائِمِ الَّتِي لَمْ تُشْرَعْ فِيهَا الْحُدُودُ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِيهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ كَانَ فِيهَا حَقُّ الآْدَمِيِّ، وَالأَْصْل فِي هَذَا أَنَّ الْحَبْسَ فَرْعٌ مِنَ التَّعْزِيرِ. وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيُّ بِضْعَ قَوَاعِدَ يُشْرَعُ فِيهَا الْحَبْسُ، مِنْهَا خَمْسٌ يُشْرَعُ فِيهَا الْحَبْسُ تَعْزِيرًا وَهِيَ: حَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ إِلْجَاءً إِلَيْهِ، وَحَبْسُ الْجَانِي رَدْعًا عَنِ الْمَعَاصِي، وَحَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنَ التَّصَرُّفِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَحَبْسِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ حَتَّى يَخْتَارَ إِحْدَاهُمَا، وَحَبْسِ مَنْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِهِ، وَحَبْسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (1) .
جَمْعُ الْحَبْسِ تَعْزِيرًا مَعَ عُقُوبَاتٍ أُخْرَى:
14 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ جَمْعِ الْحَبْسِ تَعْزِيرًا مَعَ غَيْرِهِ مِنْ عُقُوبَاتٍ. وَذَكَرُوا أَمْثِلَةً لِجَمْعِهِ مَعَ الْحَدِّ مِنْ مِثْل: جَلْدِ الزَّانِي الْبِكْرِ مِائَةً حَدًّا وَحَبْسِهِ سَنَةً تَعْزِيرًا لِلْمَصْلَحَةِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: حَبْسُهُ سَنَةً مَنْفِيًّا (2) .
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 236، والسياسية الشرعية لابن تيمية ص 111 - 113، وجواهر الإكليل للآبي 2 / 296، والفروق 4 / 79، وحاشية الرملي على أسنى المطالب 4 / 306.
(2)
الدر المختار وحاشيته 4 / 14، وشرح المحلي على المنهاج 4 / 181 - 205، وحاشية الرملي على أسنى المطالب 4 / 306، والاختيار 4 / 92، وغاية المنتهى للكرمي 3 / 316، وتبصرة الحكام 2 / 260، ونيل الأوطار 7 / 95.
15 -
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَبْسِ وَالْقِصَاصِ: حَبْسُ مَنْ جَرَحَ غَيْرَهُ جِرَاحَةً لَا يُسْتَطَاعُ فِي مِثْلِهَا قِصَاصٌ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالأَْرْشِ (التَّعْوِيضُ) بَدَلاً مِنْهُ (1) .
16 -
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَبْسِ وَالْكَفَّارَةِ: حَبْسُ الْقَاضِي مَنْ ظَاهَرَ زَوْجَتَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الزَّوْجَةِ. وَحَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْكَفَّارَاتِ عَامَّةً حَتَّى يُؤَدِّيَهَا فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ (2) .
17 -
وَقَرَّرَ الْفُقَهَاءُ مَشْرُوعِيَّةَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَبْسِ تَعْزِيرًا وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ، وَمِنْ ذَلِكَ: تَقْيِيدُ السُّفَهَاءِ وَالْمُفْسِدِينَ فِي سُجُونِهِمْ. وَحَبْسُ مَنْ طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ وَضَرْبُهُ فِي سِجْنِهِ حَتَّى يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَضَرْبُ الْمَحْبُوسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ. وَحَلْقُ رَأْسِ شَاهِدِ الزُّورِ وَحَبْسُهُ. وَحَبْسُ الْقَاتِل عَمْدًا - إِذَا عُفِيَ عَنْهُ - مَعَ جَلْدِهِ مِائَةً. وَقَدْ فَوَّضَ الشَّرْعُ الْحَاكِمَ فِي جَمْعِ الْحَبْسِ مَعَ عُقُوبَاتٍ أُخْرَى؛ لأَِنَّ أَحْوَال النَّاسِ فِي الاِنْزِجَارِ مُخْتَلِفَةٌ (3) .
(1) الخراج ص 163، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 625.
(2)
حاشية ابن عابدين 3 / 469، والأشباه للسيوطي ص 491.
(3)
حاشية ابن عابدين 4 / 62، 66 و 5 / 378، وحاشية الدسوقي 4 / 355، 362، والمغني لابن قدامة 8 / 325، وفيض الإله للبقاعي 2 / 325، وفتح القدير 4 / 212، والإنصاف 10 / 248 و 12 / 107، وأسنى المطالب 4 / 162، وتبصرة الحكام 2 / 301 - 304، وبداية المجتهد 2 / 404.