الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جُنَّ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَقَامَ الْقَاضِي قَيِّمًا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْخِيَارِ، فَفَسَخَ الْقَيِّمُ أَوْ أَجَازَ، فَأَفَاقَ الْعَاقِدُ وَادَّعَى أَنَّ الْغِبْطَةَ خِلَافُ مَا فَعَلَهُ الْقَيِّمُ، قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ: يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ وَجَدَ الأَْمْرَ كَمَا يَقُول الْمُفِيقُ مَكَّنَهُ مِنَ الْفَسْخِ وَالإِْجَازَةِ، وَنَقَضَ فِعْل الْقَيِّمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا ادَّعَاهُ الْمُفِيقُ ظَاهِرًا، فَالْقَوْل قَوْل الْقَيِّمِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لأَِنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا فَعَلَهُ، إِلَاّ أَنْ يُقِيمَ الْمُفِيقُ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ. (1)
وَقَدْ فَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي طُرُوءِ الْجُنُونِ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، قَالُوا: إِذَا جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ وَقْتٍ طَوِيلٍ يَضُرُّ الاِنْتِظَارُ إِلَيْهِ بِالْعَاقِدِ الآْخَرِ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ أَوْ نَائِبَهُ يَنْظُرُ لَهُ فِي الأَْصْلَحِ مِنْ إِمْضَاءٍ أَوْ رَدٍّ.
أَمَّا إِنْ كَانَ يُفِيقُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا بِقُرْبٍ، بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الصَّبْرُ إِلَيْهِ عَلَى الآْخَرِ فَإِنَّهُ تُنْتَظَرُ إِفَاقَتُهُ وَلَا يَنْظُرُ السُّلْطَانُ.
وَلَوْ لَمْ يَنْظُرِ السُّلْطَانُ حَتَّى مَضَى يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَزَال الْجُنُونُ احْتَسَبَ مَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرِ السُّلْطَانُ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمَبِيعُ لَازِمٌ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ.
وَإِذَا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي الأَْصْلَحِ مِنَ الإِْمْضَاءِ أَوِ
(1) المجموع شرح المهذب 9 / 196، تحقيق المطيعي، ومغني المحتاج 2 / 45 - 46، ومطالب أولي النهى 3 / 99.
الرَّدِّ، وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَلَا يُعْتَبَرُ اخْتِيَارُهُ بَل مَا نَظَرَهُ السُّلْطَانُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ. (1)
وَاعْتَبَرَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى مَا جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ الْجُنُونَ الطَّارِئَ عَلَى أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ هُوَ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي يَنْفُذُ بِهَا الْبَيْعُ إِذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَهُوَ عَلَى جُنُونِهِ.
وَلَوْ أَفَاقَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَدْ حُكِيَ عَنِ الطَّوَاوِيسِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى خِيَارِهِ.
وَقَال الإِْسْبِيجَابِيُّ وَشَمْسُ الأَْئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الأَْصَحُّ أَنَّهُ عَلَى خِيَارِهِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْمَأْذُونِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَقَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ الْجُنُونَ لَا يُسْقِطُ الْخِيَارَ. (2)
طُرُوءُ الْجُنُونِ عَلَى الْمُوجِبِ قَبْل الْقَبُول:
31 -
تَحَدَّثَ الْفُقَهَاءُ عَمَّا لَوْ طَرَأَ الْجُنُونُ عَلَى الْمُوجِبِ فِي الْعَقْدِ قَبْل قَبُول الطَّرَفِ الآْخَرِ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ جُنَّ الْمُوجِبُ بَيْنَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول بَطَل إِيجَابُهُ. (3)
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنْ أَوْجَبَ النِّكَاحَ ثُمَّ زَال
(1) الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 103
(2)
فتح القدير 5 / 509 - 510، والفتاوى الهندية 3 / 42 - 43.
(3)
المجموع 9 / 156، تحقيق المطيعي وقواعد الأحكام 2 / 125.