الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجِدَتْ مَصْلَحَةٌ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ.
وَالْقَوْل الثَّالِثُ: هُوَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ بِشَرْطِ قُرْبِهِ مِنْ مَعَانِي الأُْصُول الثَّابِتَةِ وَهُوَ لِلشَّافِعِيِّ وَمُعْظَمِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهَذَا مَا حَكَاهُ الإِْمَامُ الْجُوَيْنِيُّ. (1)
وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
مُرَاعَاةُ الْحَاجَةِ مَقْصِدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ:
7 -
الْحَاجَةُ مُفْتَقَرٌ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ التَّوْسِعَةُ وَالتَّيْسِيرُ وَرَفْعُ الضِّيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْحَرَجِ. وَالْيُسْرُ وَدَفْعُ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ فِي الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ مَبَادِئِ الشَّرِيعَةِ. يَقُول الشَّاطِبِيُّ: إِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى التَّكْلِيفِ بِالْمَشَاقِّ وَالإِْعْنَاتِ فِيهِ. (2)
وَالتَّكَالِيفُ كُلُّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ.
وَمَصَالِحُ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ كُل قِسْمٍ مِنْهَا فِي مَنَازِل مُتَفَاوِتَةٍ.
أَمَّا مَصَالِحُ الدُّنْيَا فَتَنْقَسِمُ إِلَى الضَّرُورَاتِ وَالْحَاجَاتِ وَالتَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِيلَاتِ فَأَقَل الْمُجْزِئِ مِنَ الْمَآكِل وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَنَاكِحِ وَغَيْرِهَا ضَرُورِيٌّ. وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَعْلَى الْمَرَاتِبِ كَالْمَآكِل الطَّيِّبَاتِ وَالْمَلَابِسِ النَّاعِمَاتِ
(1) المستصفى 1 / 293 - 294، وروضة الناظر / 87، والذخيرة / 142 - 143، وهامش الفروق 4 / 70 - 71 - 72 - 73، والاعتصام 2 / 95 - 96.
(2)
الموافقات 2 / 121 - 122.
وَالْقُصُورِ الْوَاسِعَاتِ فَهُوَ مِنَ التَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِيلَاتِ، وَمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مِنَ الْحَاجَاتِ.
وَأَمَّا مَصَالِحُ الآْخِرَةِ فَفِعْل الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ ضَرُورِيٌّ، وَفِعْل السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَاتِ مِنَ الْحَاجَاتِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ فَهِيَ مِنَ التَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِيلَاتِ. وَالْحَاجِيَّاتُ وَإِنْ كَانَتْ أَدْنَى رُتْبَةً مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الضَّرُورِيَّاتِ هِيَ الأَْصْل إِلَاّ أَنَّ الْحَاجِيَّاتِ مُكَمِّلَةٌ لَهَا، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا وَسِيلَةٌ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الضَّرُورِيَّاتِ. كَمَا أَنَّ تَرْكَ الْحَاجِيَّاتِ يُؤَدِّي فِي النِّهَايَةِ إِلَى تَرْكِ الضَّرُورِيَّاتِ؛ لأَِنَّ الْمُتَجَرِّئَ عَلَى الإِْخْلَال بِالأَْخَفِّ مُعَرَّضٌ لِلتَّجَرُّؤِ عَلَى مَا سِوَاهُ، فَالْمُتَجَرِّئُ عَلَى الإِْخْلَال بِالْحَاجِيَّاتِ يَتَجَرَّأُ عَلَى الإِْخْلَال بِالضَّرُورِيَّاتِ.
وَلِذَلِكَ قَصَدَ الشَّارِعُ الْمُحَافَظَةَ عَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الثَّلَاثِ (الضَّرُورِيَّةِ، وَالْحَاجِيَّةِ، وَالتَّحْسِينِيَّةِ) وَهِيَ مَسْأَلَةٌ لَا يَرْتَابُ فِي ثُبُوتِهَا شَرْعًا أَحَدٌ مِمَّنْ يَنْتَمِي إِلَى الاِجْتِهَادِ مِنْ أَهْل الشَّرْعِ وَأَنَّ اعْتِبَارَهَا مَقْصُودٌ لِلشَّرْعِ، وَدَلِيل ذَلِكَ اسْتِقْرَاءُ الشَّرِيعَةِ، وَالنَّظَرُ فِي أَدِلَّتِهَا الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ، وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ الْعَامَّةِ. (1)
(1) الموافقات 2 / 8 - 11، 13 - 16، 37، 49، وقواعد الأحكام 2 / 60 - 61.