الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلْجِهَادِ:
7 -
الْجِهَادُ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَالدَّلِيل عَلَى فَرْضِيَّتِهِ قَوْلُهُ عز وجل:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَال وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ (1) } ، وقَوْله تَعَالَى:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيل اللَّهِ (2) } ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: الْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِل آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّال (3) .
وَالْمُرَادُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ فَرْضٌ بَاقٍ؛ لأَِنَّ الْمُضِيَّ مَعْنَاهُ النَّفَاذُ، وَالنَّفَاذُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْفَرْضِ مِنَ الأَْحْكَامِ، فَإِنَّ النَّدْبَ وَالإِْبَاحَةَ لَا يَجِبُ فِيهِمَا الاِمْتِثَال وَالنَّفَاذُ (4) .
وَقَدْ نُقِل عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ مَعَ الْخَوْفِ، وَنَافِلَةٌ مَعَ الأَْمْنِ (5) .
8 -
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْفَرْضِيَّةِ:
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ لِحُصُول
(1) سورة البقرة / 216.
(2)
سورة التوبة / 41.
(3)
حديث: " الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال " أخرجه أبو داود (3 / 40 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أنس بن مالك، وفي إسناده جهالة كما في فيض القدير للمناوي (3 / 293 - ط المكتبة التجارية) .
(4)
فتح القدير 5 / 189 وما بعدها، وجواهر الإكليل 1 / 251، وروضة الطالبين 10 / 208، والإنصاف 4 / 116، والمغني 8 / 345.
(5)
الدسوقي 2 / 173، وجواهر الإكليل 1 / 251.
الْمَقْصُودِ وَهُوَ كَسْرُ شَوْكَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَإِعْزَازُ الدِّينِ. وَمَعْنَى الْكِفَايَةِ فِي الْجِهَادِ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ قَوْمٌ يَكْفُونَ فِي جِهَادِهِمْ، إِمَّا أَنْ يَكُونُوا جُنْدًا لَهُمْ دَوَاوِينُ مِنْ أَجْل ذَلِكَ، أَوْ يَكُونُوا أَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ تَطَوُّعًا بِحَيْثُ إِذَا قَصَدَهُمُ الْعَدُوُّ حَصَلَتِ الْمَنَعَةُ بِهِمْ، وَيَكُونُ فِي الثُّغُورِ مَنْ يَدْفَعُ الْعَدُوَّ عَنْهَا، وَيَبْعَثُ فِي كُل سَنَةٍ جَيْشًا يُغِيرُونَ عَلَى الْعَدُوِّ فِي بِلَادِهِمْ.
وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ: مَا قُصِدَ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَاّ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، كَرَدِّ السَّلَامِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ (1) . فَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبِ مَنْ يَكْفِي، أَثِمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلٍّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ (2) } . وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَضَّل اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّل اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (3) } .
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَنَّ الْجِهَادَ مَا فُرِضَ لِعَيْنِهِ،
(1) ابن عابدين 3 / 219، وكشاف القناع 3 / 32، 33، والمغني 8 / 346.
(2)
سورة التوبة / 122.
(3)
سورة النساء / 95.