الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يُشْرِفُ الْجَارُ مِنْهُ عَلَى حَرِيمِ جَارِهِ يُقْضَى بِسَدِّهِ. وَإِلَاّ فَلَا (1) .
أَثَرُ الْجِوَارِ فِي تَقْيِيدِ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ:
6 -
مِنْ أَحْكَامِ الْمِلْكِ التَّامِّ أَنَّهُ يُعْطِي الْمَالِكَ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَمْلُوكِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَخْتَارُ، كَمَا يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ وَرِضَاهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَاّ عِنْدَمَا يَخْلُو الْمِلْكُ مِنْ أَيِّ حَقٍّ عَلَيْهِ لِلآْخَرِينَ. وَلَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ يُقَيَّدُ بِسَبَبِ الْجِوَارِ لِتَجَنُّبِ الإِْضْرَارِ بِالْجَارِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْيِيدِ الْمِلْكِ لِتَجَنُّبِ الإِْضْرَارِ بِالْجَارِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِيمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ لَا يُمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ إِلَاّ إِذَا نَتَجَ عَنْهُ إِضْرَارٌ بِالْجَارِ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عِنْدَئِذٍ مَعَ الضَّمَانِ؛ لِمَا قَدْ يَنْتُجُ مِنَ الضَّرَرِ.
وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الضَّرَرَ بِأَنْ يَكُونَ بَيِّنًا، وَحَدُّ هَذَا الضَّرَرِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ: كُل مَا يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الأَْصْلِيَّةَ يَعْنِي الْمَنْفَعَةَ الأَْصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ
(1) مرشد الحيران - المادة 63 والشرح الكبير 3 / 369 وحاشية الدسوقي 3 / 369 والتاج والإكليل 5 / 160، وحاشية البجيرمي 3 / 12، ومغني المحتاج 2 / 186، ومطالب أولي النهى 3 / 358.
مِنَ الْبِنَاءِ كَالسُّكْنَى، أَوْ يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ أَيْ يَجْلِبُ لَهُ وَهْنًا وَيَكُونُ سَبَبَ انْهِدَامِهِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُلَاّكِ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ فِي التَّصَرُّفِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ جَارُهُ أَوْ أَدَّى إِلَى إِتْلَافِ مَالِهِ، كَمَنْ حَفَرَ بِئْرَ مَاءٍ أَوْ حُشٍّ فَاخْتَل بِهِ جِدَارُ جَارِهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِمَا فِي الْحُشِّ مَاءُ بِئْرِهِ؛ لأَِنَّ فِي مَنْعِ الْمَالِكِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ مِمَّا يَضُرُّ جَارَهُ ضَرَرًا لَا جَابِرَ لَهُ، فَإِنْ تَعَدَّى بِأَنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ فِي التَّصَرُّفِ ضَمِنَ مَا تَعَدَّى فِيهِ لاِفْتِيَاتِهِ.
وَالأَْصَحُّ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَتَّخِذَ دَارَهُ الْمَحْفُوفَةَ بِمَسَاكِنَ حَمَّامًا وَطَاحُونَةً وَمَدْبَغَةً وَإِصْطَبْلاً وَفُرْنًا، وَحَانُوتَهُ فِي الْبَزَّازِينَ حَانُوتَ حَدَّادٍ وَقَصَّارٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، كَأَنْ يَجْعَلَهُ مَدْبَغَةً، إِذَا احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الْجُدْرَانَ إِحْكَامًا يَلِيقُ بِمَا يَقْصِدُهُ؛ لأَِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَفِي مَنْعِهِ إِضْرَارٌ بِهِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ لِلإِْضْرَارِ بِهِ (2) . وَلِمَزِيدٍ مِنَ التَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (تَعَلِّي)(وَحَائِطٌ) .
(1) الدر المختار 5 / 447، والدسوقي 3 / 369 وما بعدها، الخرشي 6 / 60 - 61، وكشاف القناع 3 / 408، والمغني 4 / 572 - ط الرياض.
(2)
مغني المحتاج 2 / 364.