الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِْيمَاءِ بِطَرْفِهِ أَوْ حَاجِبِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَل مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وُجُوبًا وَيَكُونُ مُصَلِّيًا بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَاّ عَلَى النِّيَّةِ وَجَبَتْ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ عَجَزَ الْمُكَلَّفُ عَنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ بِهَيْئَتِهَا الأَْصْلِيَّةِ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ، وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الإِْيمَاءِ بِرَأْسِهِ فَبِطَرْفِهِ، وَمِنْ لَازِمِهِ الإِْيمَاءُ بِجَفْنِهِ وَحَاجِبِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ هُنَا إِيمَاءٌ لِلسُّجُودِ أَخْفَضُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ عَجَزَ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْمَأَ بِهِمَا بِرَأْسِهِ مَا أَمْكَنَهُ، وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ بِطَرَفِهِ وَنَوَى بِقَلْبِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَلْزَمُهُ، وَصَوَّبَهُ فِي الْفُرُوعِ (1) . وَلَمْ نَقِفْ عَلَى نَصٍّ لَهُمْ فِي الإِْيمَاءِ بِالْحَاجِبِ.
ثَالِثًا: الأَْخْذُ مِنْ شَعْرِ الْحَاجِبِ:
7 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الأَْخْذِ مِنْ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ وَيُنْظَرُ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَنَمُّصٌ) .
رَابِعًا: الْجِنَايَةُ عَلَى الْحَاجِبِ:
8 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى شَعْرِ الْحَاجِبِ إِذَا لَمْ يَنْبُتْ الدِّيَةَ، وَفِي أَحَدِ
(1) جواهر الإكليل 1 / 57، ونهاية المحتاج 1 / 450، وكشاف القناع 1 / 499، والمغني 2 / 148 - 149.
الْحَاجِبَيْنِ نِصْفَ الدِّيَةِ، قَالُوا: لأَِنَّ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ إِتْلَافًا لِلْجَمَال عَلَى الْكَمَال وَإِتْلَافًا لِلْمَنْفَعَةِ أَيْضًا؛ لأَِنَّ الْحَاجِبَ يَرُدُّ الْعَرَقَ عَنِ الْعَيْنِ وَيُفَرِّقُهُ.
وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ كَوْنِ الْحَاجِبِ كَثِيفًا أَوْ خَفِيفًا، جَمِيلاً أَوْ قَبِيحًا، أَوْ كَوْنِهِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ؛ لأَِنَّ سَائِرَ مَا فِيهِ الدِّيَةُ مِنَ الأَْعْضَاءِ لَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَال بِذَلِكَ. وَقَالُوا: إِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْحَاجِبَيْنِ بِذَهَابِهِمَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُرْجَى عَوْدُهُمَا بِإِتْلَافِ مَنْبَتِ الشَّعْرِ، فَإِنْ رُجِيَ عَوْدُهُمَا فِي مُدَّةٍ انْتَظَرَ إِلَيْهَا، فَإِنْ عَادَ الشَّعْرُ قَبْل أَخْذِ الدِّيَةِ لَمْ تَجِبْ، وَإِنْ عَادَ بَعْدَ أَخْذِهَا رُدَّتْ.
وَلَا قِصَاصَ عِنْدَهُمْ فِي شَعْرِ الْحَاجِبِ؛ لأَِنَّ إِتْلَافَهُ يَكُونُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَلِّهِ - مَنْبَتِهِ - وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ فَلَا تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ، فَلَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى شَعْرِ الْحَاجِبِ إِنْ لَمْ يَنْبُتْ حُكُومَةً، وَأَنَّ الشُّعُورَ لَا قَوَدَ فِيهَا قَطْعًا، وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا شَأْنُهُ الزِّينَةُ مِنْهَا، فَإِنْ نَبَتَ الشَّعْرُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إِلَاّ الأَْدَبُ فِي الْعَمْدِ. (1)
خَامِسًا: اتِّخَاذُ الْقَاضِي أَوْ الأَْمِيرِ حَاجِبًا:
9 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلأَْمِيرِ
(1) فتح القدير 8 / 309، والمغني 8 / 10 - 11، والمدونة 6 / 316، والزرقاني 8 / 41، وقليوبي 4 / 144.