الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَمْل رُءُوسِ قَتْلَى الْكُفَّارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى آخَرَ بَيْنَ مُجِيزٍ وَمُحَرِّمٍ، يُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ:(مُثْلَةٌ (1)) .
و
تَحْرِيقُ الْعَدُوِّ بِالنَّارِ، وَتَغْرِيقُهُ بِالْمَاءِ، وَرَمْيُهُ بِالْمَنْجَنِيقِ:
32 -
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا قَدَرَ عَلَى الْعَدُوِّ فَلَا يَجُوزُ تَحْرِيقُهُ بِالنَّارِ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَال: بَعَثَنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثٍ فَقَال: إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ. ثُمَّ قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ: إِنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَاّ اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا (2) .
فَأَمَّا رَمْيُهُمْ قَبْل أَخْذِهِمْ بِالنَّارِ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُمْ بِدُونِهَا لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ بِهَا؛ لأَِنَّهُمْ فِي مَعْنَى الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُمْ بِغَيْرِهَا فَجَائِزٌ فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ، وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَغْرِيقُ الْعَدُوِّ بِالْمَاءِ، إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِهِ (3) .
(1) ابن عابدين 3 / 225، وجواهر الإكليل 1 / 254، وحاشية الدسوقي 2 / 179، وروضة الطالبين 10 / 250، والمغني 8 / 494.
(2)
حديث: " بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 149 - ط السلفية) .
(3)
المغني 8 / 448، 449.
33 -
وَأَمَّا حِصَارُ الْقِلَاعِ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ، وَإِرْسَال الْمَاءِ عَلَيْهِمْ، وَقَطْعُهُ عَنْهُمْ، وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ (1) } وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَاصَرَ أَهْل الطَّائِفِ، وَرَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ (2) . وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَعُمُّ بِهِ الْهَلَاكُ، وَوَافَقَ أَحْمَدُ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ فِي جَوَازِ رَمْيِهِمْ بِالْمَنْجَنِيقِ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا (3) ،
وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ الْقَوْل فَقَالُوا: يُقَاتِل الْعَدُوَّ بِالْحِصْنِ بِغَيْرِ تَحْرِيقٍ وَتَغْرِيقٍ إِذَا كَانُوا مَعَ مُسْلِمِينَ، أَوْ ذُرِّيَّةٍ أَوْ نِسَاءٍ، وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيُرْمَوْنَ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَلَوْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ، أَوْ نِسَاءٍ، أَوْ مُسْلِمِينَ (4) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ الْغَرَقِ لَمْ يَجُزْ إِذَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ إِتْلَافُ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ الَّذِينَ يَحْرُمُ إِتْلَافُهُمْ قَصْدًا، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ إِلَاّ بِهِ جَازَ (5) .
(1) سورة التوبة / 5.
(2)
حديث: " حاصر أهل الطائف ورماهم بالمنجنيق. . . " ذكره ابن إسحاق في المغازي كما في السيرة لابن كثير (3 / 658 - نشر دار إحياء التراث العربي) .
(3)
ابن عابدين 3 / 223، وفتح القدير 5 / 197، ونهاية المحتاج 8 / 64، ومغني المحتاج 4 / 223، والمغني 8 / 448، 449.
(4)
حاشية الدسوقي 2 / 177، وجواهر الإكليل 1 / 253.
(5)
المغني 8 / 448.
وَإِذَا حَاصَرَ الإِْمَامُ حِصْنًا لَزِمَتْهُ مُصَابَرَتُهُ، وَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ إِلَاّ فِي إِحْدَى الْحَالَاتِ الآْتِيَةِ:
1 -
أَنْ يُسَلِّمُوا فَيُحْرِزُوا بِالإِْسْلَامِ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَاّ بِحَقِّهَا (1) .
2 -
أَنْ يَبْذُلُوا مَالاً عَلَى الْمُوَادَعَةِ، فَيَجُوزُ قَبُولُهُ مِنْهُمْ، سَوَاءٌ أَعْطَوْهُ جُمْلَةً، أَوْ جَعَلُوهُ خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ كُل عَامٍ، فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ فَبَذَلُوهَا لَزِمَهُ قَبُولُهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (2) } .
وَإِنْ بَذَلُوا مَالاً عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْجِزْيَةِ فَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي قَبُولِهِ قَبِلَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إِذَا لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ (3) .
3 -
أَنْ يَفْتَحَهُ.
4 -
أَنْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي الاِنْصِرَافِ عَنْهُ، إِمَّا لِضَرَرِ الإِْقَامَةِ، وَإِمَّا لِلْيَأْسِ مِنْهُ، وَإِمَّا لِمَصْلَحَةٍ يَنْتَهِزُهَا، تَفُوتُ بِإِقَامَتِهِ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَاصَرَ أَهْل الطَّائِفِ فَلَمْ يَنَل مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَال: إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى غَدًا (4) . . . .
(1) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . " تقدم تخريجه ف / 5.
(2)
سورة التوبة / 29.
(3)
المراجع السابقة.
(4)
حديث: " إنا قافلون إن شاء الله. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 44 - ط السلفية) من حديث عبد الله ابن عمر.
5 -
أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، فَيَجُوزُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمَّا حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ رَضُوا بِأَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ (1) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ حُرًّا مُسْلِمًا عَاقِلاً بَالِغًا ذَكَرًا عَدْلاً فَقِيهًا كَمَا يُشْتَرَطُ فِي حَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْمَى؛ لأَِنَّ عَدَمَ الْبَصَرِ لَا يَضُرُّ هُنَا؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ رَأْيُهُ وَمَعْرِفَةُ الْمَصْلَحَةِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ الْبَصَرِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الْبَصَرِ لِيَعْرِفَ الْمُدَّعِيَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالشَّاهِدَ مِنَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَالْمُقَرَّ لَهُ مِنَ الْمُقِرِّ، وَيُعْتَبَرُ مِنَ الْفِقْهِ هَاهُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحُكْمِ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ وَيُعْتَبَرُ لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِقْهُهُ فِي جَمِيعِ الأَْحْكَامِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَذَا. وَلِهَذَا حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِجَمِيعِ الأَْحْكَامِ. وَإِذَا حَكَّمُوا رَجُلَيْنِ جَازَ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ جَعَلُوا الْحُكْمَ إِلَى رَجُلٍ يُعَيِّنُهُ الإِْمَامُ جَازَ؛ لأَِنَّهُ لَا يَخْتَارُ إِلَاّ مَنْ يَصْلُحُ، وَإِنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَوْ جَعَلُوا التَّعْيِينَ إِلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ؛ لأَِنَّهُمْ رُبَّمَا اخْتَارُوا
(1) حديث: " أمر بني قريظة أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ " أخرجه البخاري (7 / 411 - ط السلفية) من حديث أبي سعيد الخدري.
مَنْ لَا يَصْلُحُ، وَإِنْ عَيَّنُوا رَجُلاً يَصْلُحُ فَرَضِيَهُ الإِْمَامُ جَازَ؛ لأَِنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ رَضُوا بِحُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَعَيَّنُوهُ فَرَضِيَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَجَازَ حُكْمَهُ وَقَال: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ (1) .
وَإِنْ مَاتَ مَنِ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ قَامَ مَقَامَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، أَوْ طَلَبُوا حُكْمًا لَا يَصْلُحُ، رُدُّوا إِلَى مَأْمَنِهِمْ، وَكَانُوا عَلَى الْحِصَارِ حَتَّى يَتَّفِقُوا، وَكَذَلِكَ إِنْ رَضُوا بِاثْنَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ جَازَ، وَإِلَاّ رُدُّوا إِلَى مَأْمَنِهِمْ، وَكَذَلِكَ إِنْ رَضُوا بِتَحْكِيمِ مَنْ لَمْ تَجْتَمِعِ الشَّرَائِطُ فِيهِ وَوَافَقَهُمُ الإِْمَامُ عَلَيْهِ. ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَمْ يَحْكُمْ، وَيُرَدُّونَ إِلَى مَأْمَنِهِمْ كَمَا كَانُوا.
34 -
وَأَمَّا صِفَةُ الْحُكْمِ: فَإِنْ حَكَمَ أَنْ تُقْتَل مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ نَفَذَ حُكْمُهُ؛ لأَِنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ (2) وَإِنْ حَكَمَ بِالْمَنِّ عَلَى الْمُقَاتِلَةِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ، فَقَال الْقَاضِي يَلْزَمُ حُكْمُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ إِلَيْهِ
(1) شطر من الحديث السابق، وتقدم تخريجه آنفا.
(2)
حديث: " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة. . . " أخرجه ابن إسحاق من مرسل علقمة بن وقاص كما في الفتح لابن حجر (7 / 412 - ط السلفية) وأصله في صحيح البخاري (الفتح 7 / 411 - ط السلفية) .
فِيمَا يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، فَكَانَ لَهُ الْمَنُّ كَالإِْمَامِ فِي الأَْسِيرِ.
وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ حُكْمَهُ لَا يَلْزَمُ؛ لأَِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ، وَلَا حَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْمَنِّ، وَإِنْ حَكَمَ بِالْمَنِّ عَلَى الذُّرِّيَّةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لأَِنَّ الإِْمَامَ لَا يَمْلِكُ الْمَنَّ عَلَى الذُّرِّيَّةِ إِذَا سُبُوا فَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ، وَيُحْتَمَل الْجَوَازُ لأَِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَتَعَيَّنِ السَّبْيُ فِيهِمْ بِخِلَافِ مَنْ سُبِيَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ السَّبْيِ، وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْفِدَاءِ جَازَ، لأَِنَّ الإِْمَامَ يُخَيَّرُ فِي الأَْسْرَى بَيْنَ الْقَتْل، وَالْفِدَاءِ، وَالاِسْتِرْقَاقِ، وَالْمَنِّ، فَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ، وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ لَمْ يَلْزَمْ حُكْمُهُ؛ لأَِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِالتَّرَاضِي، وَلِذَلِكَ لَا يَمْلِكُ الإِْمَامُ إِجْبَارَ الأَْسِيرِ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، وَإِنْ حَكَمَ بِالْقَتْل وَالسَّبْيِ جَازَ لِلإِْمَامِ الْمَنُّ عَلَى بَعْضِهِمْ، لأَِنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ سَأَل فِي الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطَا مِنْ قُرَيْظَةَ وَمَالِهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجَابَهُ. وَيُخَالِفُ مَال الْغَنِيمَةِ إِذَا حَازَهُ الْمُسْلِمُونَ؛ لأَِنَّ مِلْكَهُمُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَسْلَمُوا قَبْل الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ؛ لأَِنَّهُمْ أَسْلَمُوا وَهُمْ أَحْرَارٌ، وَأَمْوَالُهُمْ لَهُمْ فَلَمْ يَجُزِ اسْتِرْقَاقُهُمْ، بِخِلَافِ الأَْسِيرِ، فَإِنَّ الأَْسِيرَ قَدْ ثَبَتَتِ الْيَدُ عَلَيْهِ كَمَا تَثْبُتُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ، وَلِذَلِكَ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ. وَإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ نَظَرْتَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْقَتْل سَقَطَ لأَِنَّ مَنْ أَسْلَمَ فَقَدْ