الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 -
وَالْمُرَادُ بِالْحَمْل الَّذِي تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا أَوْ مُضْغَةً تُصُوِّرَتْ، وَلَوْ صُورَةً خَفِيَّةً تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الثِّقَاتِ مِنَ الْقَوَابِل، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) . وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ مُضْغَةً لَمْ تُتَصَوَّرْ لَكِنْ شَهِدَ الثِّقَاتُ مِنَ الْقَوَابِل أَنَّهَا مَبْدَأُ خِلْقَةِ آدَمِيٍّ لَوْ بَقِيَتْ لَتُصُوِّرَتْ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لِحُصُول بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهِ. (1)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ؛ لأَِنَّ الْحَمْل اسْمٌ لِنُطْفَةٍ مُتَغَيِّرَةٍ، فَإِذَا كَانَ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً لَمْ تَتَغَيَّرْ وَلَمْ تُتَصَوَّرْ فَلَا يُعْرَفُ كَوْنُهَا مُتَغَيِّرَةً إِلَاّ بِاسْتِبَانَةِ بَعْضِ الْخَلْقِ.
أَمَّا إِذَا أَلْقَتْ نُطْفَةً أَوْ عَلَقَةً أَوْ دَمًا أَوْ وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا صُورَةَ فِيهَا فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ عِنْدَهُمْ. (2)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَ دَمًا اجْتَمَعَ بِحَيْثُ إِذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَمْ يَذُبْ يُعْتَبَرُ حَمْلاً تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ. (3)
وَتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مُصْطَلَحِ: (عِدَّةٌ) .
(1) ابن عابدين 2 / 604، وحاشية القليوبي 4 / 43، 44، والمغني 7 / 476، 477.
(2)
نفس المراجع.
(3)
الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي 2 / 474.
تَصَرُّفَاتُ الْحَامِل:
15 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّ الْحَامِل لَهَا أَهْلِيَّةٌ تَامَّةٌ وَلَا تُحَدُّ تَصَرُّفَاتُهَا بِسَبَبِ الْحَمْل، وَلَا تُعْتَبَرُ مَرِيضَةً مَرَضَ الْمَوْتِ إِلَاّ إِذَا جَاءَهَا الطَّلْقُ؛ (1) لأَِنَّهُ أَلَمٌ شَدِيدٌ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ، فَأَشْبَهَتْ صَاحِبَ سَائِرِ الأَْمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ. وَأَمَّا قَبْل ذَلِكَ فَلَا أَلَمَ بِهَا، وَاحْتِمَال وُجُودِهِ خِلَافُ الْعَادَةِ، فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِاحْتِمَالِهِ الْبَعِيدِ، كَمَا لَا يُعْتَبَرُ احْتِمَال الإِْسْقَاطِ فِي كُل سَاعَةٍ. (2)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّ الْحَامِل بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ تُعْتَبَرُ مَرِيضَةً مَرَضَ الْمَوْتِ؛ لأَِنَّهَا تَتَوَقَّعُ الْوِلَادَةَ كُل سَاعَةٍ.
وَيَشْتَرِطُ الْمَالِكِيَّةُ لِلْحَجْرِ عَلَى الْحَامِل أَنْ تَكُونَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ بِيَوْمٍ كَامِلٍ عَلَى الأَْقَل، فَلَوْ تَبَرَّعَتْ بَعْدَ السِّتَّةِ وَقَبْل تَمَامِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِي السَّابِعِ بِأَنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ كَانَ تَبَرُّعُهَا مَاضِيًا. (3) وَحَيْثُ اعْتُبِرَتِ الْحَامِل
(1) الطلق: وجع الولادة، أي الوجع الذي لا يسكن حتى تلد أو تموت. وقيل: وإن سكن، لأن الوجع يسكن تارة، ويهيج أخرى. (المصباح المنير، وابن عابدين 2 / 524) .
(2)
ابن عابدين 2 / 524، وتبيين الحقائق للزيلعي 2 / 249، وحاشية القليوبي 3 / 164، ونهاية المحتاج 6 / 63، وكشاف القناع 4 / 325، والمغني لابن قدامة 6 / 86.
(3)
جواهر الإكليل 2 / 101، 102، والمغني لابن قدامة 6 / 86، وحاشية الدسوقي 3 / 306.