الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ -
الصَّرْعُ:
6 -
الصَّرْعُ لُغَةً: عِلَّةٌ تَمْنَعُ الدِّمَاغَ مِنْ فِعْلِهِ مَنْعًا غَيْرَ تَامٍّ، فَتَتَشَنَّجُ الأَْعْضَاءُ.
أَقْسَامُ الْجُنُونِ:
7 -
جَاءَ فِي كَشْفِ الأَْسْرَارِ: الْجُنُونُ يَكُونُ أَصْلِيًّا إِذَا كَانَ لِنُقْصَانٍ جُبِل عَلَيْهِ دِمَاغُهُ وَطُبِعَ عَلَيْهِ فِي أَصْل الْخِلْقَةِ فَلَمْ يَصْلُحْ لِقَبُول مَا أُعِدَّ لِقَبُولِهِ مِنَ الْعَقْل، وَهَذَا النَّوْعُ مِمَّا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ.
وَيَكُونُ عَارِضًا: إِذَا زَال الاِعْتِدَال الْحَاصِل لِلدِّمَاغِ خِلْقَةً إِلَى رُطُوبَةٍ مُفْرِطَةٍ، أَوْ يُبُوسَةٍ مُتَنَاهِيَةٍ، وَهَذَا النَّوْعُ مِمَّا يُرْجَى زَوَالُهُ بِالْعِلَاجِ بِمَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الأَْدْوِيَةِ. (1) وَالْجُنُونُ الأَْصْلِيُّ لَا يُفَارِقُ الْعَارِضَ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَْحْكَامِ. (2)
8 -
وَيَنْقَسِمُ الْجُنُونُ أَيْضًا إِلَى مُطْبِقٍ وَغَيْرِ مُطْبِقٍ:
وَالْمُرَادُ بِالْمُطْبِقِ الْمُلَازِمُ الْمُمْتَدُّ. وَالاِمْتِدَادُ لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ عَامٌّ بَل يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعِبَادَاتِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْهُمَامِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَال: إِنَّ قَدْرَ الاِمْتِدَادِ الْمُسْقِطِ فِي الصَّلَوَاتِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَبِصَيْرُورَتِهَا سِتًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَفِي الصَّوْمِ بِاسْتِغْرَاقِ الشَّهْرِ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، وَفِي الزَّكَاةِ
(1) كشف الأسرار 4 / 263.
(2)
كشف الأسرار 4 / 266.
بِاسْتِغْرَاقِ الْحَوْل كُلِّهِ فِي الأَْصَحِّ، وَغَيْرُ الْمُمْتَدِّ مَا كَانَ أَقَل مِنْ ذَلِكَ.
فَالْجُنُونُ إِنْ كَانَ مُمْتَدًّا سَقَطَ مَعَهُ وُجُوبُ الْعِبَادَاتِ فَلَا تُشْغَل بِهَا ذِمَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَدٍّ وَهُوَ طَارِئٌ لَمْ يَمْنَعِ التَّكْلِيفَ وَلَا يَنْفِي أَصْل الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّ الْوُجُوبَ بِالذِّمَّةِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ، وَلِذَلِكَ يَرِثُ وَيَمْلِكُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَدٍّ، وَكَانَ أَصْلِيًّا فَحُكْمُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ حُكْمُ الْمُمْتَدِّ؛ لأَِنَّهُ نَاطَ الإِْسْقَاطَ بِالْكُل مِنَ الاِمْتِدَادِ وَالأَْصَالَةِ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: حُكْمُهُ حُكْمُ الطَّارِئِ فَيُنَاطُ الإِْسْقَاطُ بِالاِمْتِدَادِ (1) .
أَثَرُ الْجُنُونِ فِي الأَْهْلِيَّةِ:
9 -
الْجُنُونُ مِنْ عَوَارِضِ أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ وَهُوَ يُزِيلُهَا مِنْ أَصْلِهَا، فَلَا تَتَرَتَّبُ عَلَى تَصَرُّفَاتِهِ آثَارُهَا الشَّرْعِيَّةُ؛ لأَِنَّ أَسَاسَ أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ فِي الإِْنْسَانِ التَّمْيِيزُ وَالْعَقْل، وَالْمَجْنُونُ عَدِيمُ الْعَقْل وَالتَّمْيِيزِ.
وَلَا يُؤَثِّرُ الْجُنُونُ فِي أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّهَا ثَابِتَةٌ لِكُل إِنْسَانٍ، فَكُل إِنْسَانٍ أَيًّا كَانَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّ أَهْلِيَّتَهُ لِلْوُجُوبِ هِيَ حَيَاتُهُ الإِْنْسَانِيَّةُ.
وَمَا وَجَبَ عَلَى الْمَجْنُونِ بِمُقْتَضَى أَهْلِيَّتِهِ لِلْوُجُوبِ مِنْ وَاجِبَاتٍ مَالِيَّةٍ يُؤَدِّيهَا عَنْهُ وَلِيُّهُ.
(1) كشف الأسرار 4 / 263، 264 وما بعدها، وابن عابدين 1 / 516، وتيسير التحرير 2 / 261.