الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ؛ لِحَدِيثِ قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ (2) وَلِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً قَال: يَا رَسُول اللَّهِ، أَرْضِي لَيْسَ لأَِحَدٍ فِيهَا شِرْكٌ وَلَا قَسْمٌ إِلَاّ الْجِوَارُ. فَقَال صلى الله عليه وسلم: الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا كَانَ (3) . وَهَذَا اللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي إِثْبَاتِ الشُّفْعَةِ لِجِوَارٍ لَا شَرِكَةَ فِيهِ. كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ (4) وَالصَّقَبُ هُوَ الْقُرْبُ.
وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّ الْجِوَارَ فِي مَعْنَى الشَّرِكَةِ؛ لأَِنَّ مِلْكَ الْجَارِ مُتَّصِلٌ بِمِلْكِ جَارِهِ اتِّصَال تَأْبِيدٍ وَقَرَارٍ، وَالضَّرَرُ الْمُتَوَقَّعُ فِي الشَّرِكَةِ مُتَوَقَّعٌ فِي الْجِوَارِ، فَيَثْبُتُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْجِوَارِ قِيَاسًا عَلَى الشَّرِكَةِ (5) .
(1) حديث: " قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 436 - ط السلفية) .
(2)
حديث: " جار الدار أحق بالدار " أخرجه الترمذي (3 / 641 - ط الحلبي) من حديث سمرة بن جندب، وقال:" حسن صحيح ".
(3)
حديث: " الجار أحق بسقبه " أخرجه أحمد (4 / 389 - ط الميمنية) ونوه به الترمذي في جامعه (3 / 642 - ط الحلبي) ونقل تصحيح البخاري له.
(4)
حديث أبي رافع " الجار أحق بصقبه " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 345 - ط السلفية) .
(5)
البناية 8 / 453.
حَقُّ الْجِوَارِ فِي الْمَسِيل:
9 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِجَارٍ حَقُّ الْمَسِيل عَلَى مِلْكِ جَارِهِ فَلَيْسَ لِمَنْ عَلَيْهِ حَقُّ الْمَسِيل أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ مِنْ هَذَا الْحَقِّ. وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: (ارْتِفَاقٌ)(وَمَسِيلٌ) .
حَقُّ الْجِوَارِ فِي الطَّرِيقِ:
10 -
الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَقِّ مَعْرِفَةُ مَا لِجِوَارِ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ، وَيُقَسِّمُ الْفُقَهَاءُ الطَّرِيقَ إِلَى نَوْعَيْنِ: طَرِيقٍ نَافِذَةٍ وَطَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، وَحَقُّ الْجِوَارِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُغَايِرٌ لِلآْخَرِ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(طَرِيقٌ) .
حَقُّ الْجِوَارِ فِي النَّهْرِ:
11 -
الْمُرَادُ بِهِ مَا يَنْشَأُ لِلْجِوَارِ عَلَى النَّهْرِ، وَمَا لِلنَّهْرِ عَلَى الْجِوَارِ، بِسَبَبِ الْجِوَارِ. وَإِنَّ مَدَارَ هَذَا الْحَقِّ مَبْنِيٌّ عَلَى نَوْعَيِ الأَْنْهَارِ الْعَامَّةِ وَالْمَمْلُوكَةِ.
وَلِجَارِ النَّهْرِ الْعَظِيمِ، كَدِجْلَةَ، وَالْفُرَاتِ، أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ، وَدَوَابَّهُ، وَيَنْصِبَ عَلَى النَّهْرِ دُولَابًا وَيَشُقَّ نَهْرًا إِلَى أَرْضِهِ لِسِقَايَتِهَا؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْنْهَارَ لَيْسَتْ مِلْكًا لأَِحَدٍ.
وَيَجُوزُ لَهُ غَرْسُ شَطِّهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ وَلِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَطْلُبَ رَفْعَ ذَلِكَ.