الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَيْهَا فَرْدٌ أَوْ أَفْرَادٌ مَحْصُورُونَ، وَذَلِكَ مِثْل الْحَاجَةِ إِلَى تَضْبِيبِ الإِْنَاءِ بِالْفِضَّةِ، وَمِثْل الْحَاجَةِ إِلَى الأَْكْل مِنَ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَالْحَاجَةِ إِلَى لُبْسِ الْحَرِيرِ لِلرَّجُل لِمَرَضٍ كَالْجَرَبِ وَالْحِكَّةِ، وَإِبَاحَةِ تَحْلِيَةِ آلَاتِ الْحَرْبِ غَيْظًا لِلْمُشْرِكِينَ وَالتَّبَخْتُرِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي الْحَرْبِ. (1)
10 -
وَتَخْتَلِفُ الْحَاجَةُ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ فَمَا يَكُونُ حَاجَةً لِشَخْصٍ قَدْ لَا يَكُونُ حَاجَةً لِغَيْرِهِ، فَالْخَادِمُ قَدْ يَكُونُ حَاجَةً لِشَخْصٍ فَقِيرٍ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الْبُيُوتَاتِ لَا يَتَعَاطَى خِدْمَةَ نَفْسِهِ بِيَدِهِ فَيُفْرَضُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِخَادِمٍ، أَمَّا الشَّخْصُ الْعَادِي الَّذِي يَخْدُمُ نَفْسَهُ فَلَيْسَ فِي حَاجَةٍ إِلَى الْخَادِمِ. (2)
بِاعْتِبَارِ الأَْعْصَارِ وَالأَْمْصَارِ وَالْقُرُونِ وَالأَْحْوَال:
11 -
قَال الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الثَّانِي وَالْخَمْسِينَ وَالْمِائَتَيْنِ: يُنْدَبُ إِقَامَةُ هَيْئَاتٍ لِلأَْئِمَّةِ وَالْقُضَاةِ وَوُلَاةِ الأُْمُورِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَصَالِحَ وَالْمَقَاصِدَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَحْصُل إِلَاّ بِعَظَمَةِ الْوُلَاةِ فِي نُفُوسِ النَّاسِ، وَكَانَ النَّاسُ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مُعْظَمُ تَعْظِيمِهِمْ إِنَّمَا هُوَ بِالدِّينِ وَسَابِقِ الْهِجْرَةِ، ثُمَّ اخْتَل النِّظَامُ وَذَهَبَ ذَلِكَ الْقَرْنُ وَحَدَثَ قَرْنٌ آخَرُ لَا يُعَظِّمُونَ إِلَاّ بِالْهَيْئَةِ وَالزِّيِّ فَيَتَعَيَّنُ تَفْخِيمُ الصُّوَرِ حَتَّى تَحْصُل الْمَصَالِحُ.
(1) أشباه السيوطي / 98، والمنثور في القواعد 2 / 25 - 26.
(2)
ابن عابدين 2 / 682، وانظر نهاية المحتاج 6 / 159.
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَأْكُل خُبْزَ الشَّعِيرِ وَالْمِلْحَ، وَيَفْرِضُ لِعَامِلِهِ نِصْفَ شَاةٍ كُل يَوْمٍ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا لَوْ عَمِلَهَا غَيْرُهُ لَهَانَ فِي نُفُوسِ النَّاسِ وَلَمْ يَحْتَرِمُوهُ وَتَجَاسَرُوا عَلَيْهِ بِالْمُخَالَفَةِ، فَاحْتَاجَ إِلَى أَنْ يَضَعَ غَيْرَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى لِحِفْظِ النِّظَامِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ وَوَجَدَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَدِ اتَّخَذَ الْحُجَّابَ وَأَرْخَى الْحِجَابَ وَاتَّخَذَ الْمَرَاكِبَ النَّفِيسَةَ وَالثِّيَابَ الْهَائِلَةَ الْعَلِيَّةَ وَسَلَكَ مَا يَسْلُكُهُ الْمُلُوكُ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَال: إِنَّا بِأَرْضٍ نَحْنُ فِيهَا مُحْتَاجُونَ لِهَذَا، فَقَال لَهُ: لَا آمُرُكَ وَلَا أَنْهَاكَ، وَمَعْنَاهُ أَنْتَ أَعْلَمُ بِحَالِكَ هَل أَنْتَ مُحْتَاجٌ إِلَى هَذَا فَيَكُونَ حَسَنًا أَوْ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ.
فَدَل ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ أَحْوَال الأَْئِمَّةِ وَوُلَاةِ الأُْمُورِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْعْصَارِ وَالأَْمْصَارِ وَالْقُرُونِ وَالأَْحْوَال، فَلِذَلِكَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَجْدِيدِ زَخَارِفَ وَسِيَاسَاتٍ لَمْ تَكُنْ قَدِيمًا، وَرُبَّمَا وَجَبَتْ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال. (1)
بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ:
12 -
مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الأَْحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ شُرِعَتْ لِلتَّسْهِيل عَلَى الْعِبَادِ إِلَاّ أَنَّ مِنْهَا مَا شُرِعَ مِنَ الأَْصْل مُرَاعًى فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَحَاجَةُ النَّاسِ فَيُبَاحُ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَذَلِكَ كَالْقَرْضِ وَالْحَوَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(1) الفروق للقرافي 4 / 203.