الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَقَال: مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِل وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْ قَتْل الْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ تُقَاتِل (1) .
وَكَذَلِكَ يُقْتَل كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ إِذَا كَانَ مَلِكًا، أَوْ ذَا رَأْيٍ يُعِينُ فِي الْحَرْبِ؛ لأَِنَّ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ قُتِل يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ شَيْخٌ لَا قِتَال فِيهِ، وَكَانُوا خَرَجُوا بِهِ يَتَيَمَّنُونَ بِهِ وَيَسْتَعِينُونَ بِرَأْيِهِ، فَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَتْلَهُ (2) ، وَلأَِنَّ الرَّأْيَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَعُونَةِ فِي الْحَرْبِ.
أَمَّا الأَْخْرَسُ وَالأَْصَمُّ، وَأَقْطَعُ الْيَدِ الْيُسْرَى، أَوْ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ فَيُقْتَل؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَاتِل رَاكِبًا (3) .
وَلَوْ قَتَل مَنْ لَا يَحِل قَتْلُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ، فَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالاِسْتِغْفَارُ فَقَطْ كَسَائِرِ الْمَعَاصِي، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ؛ لأَِنَّ دَمَ الْكَافِرِ لَا يَتَقَوَّمُ إِلَاّ بِالأَْمَانِ، وَلَمْ يُوجَدْ (4) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي:(جِزْيَةٌ) .
د -
قَتْل الْقَرِيبِ:
30 -
اخْتَلَفَتِ آرَاءُ الْفُقَهَاءِ فِي قَتْل الْقَرِيبِ أَثْنَاءَ الْمُحَارَبَةِ مَعَ الْكُفَّارِ:
(1) حديث: " ما كانت هذه لتقاتل " تقدم تخريجه آنفا.
(2)
حديث: " مقتل دريد بن الصمة " أخرجه البخاري (الفتح 7 / 41 - ط السلفية) من حديث أبي موسى الأشعري.
(3)
ابن عابدين 3 / 224 وما بعدها، وفتح القدير 5 / 201 وما بعدها، والمدونة 3 / 6، والدسوقي 2 / 176.
(4)
المراجع السابقة.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَحِل لِلْفَرْعِ أَنْ يَبْدَأَ بِقَتْل أَصْلِهِ الْمُشْرِكِ، بَل يَشْغَلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (1) } ، وَلأَِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْيَاؤُهُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ فَيُنَاقِضُهُ الإِْطْلَاقُ فِي إِفْنَائِهِ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ غَيْرُهُ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُل بِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اقْتِحَامِهِ الْمَأْثَمَ. وَأَمَّا إِنْ قَصَدَ الأَْبُ قَتْلَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعَهُ إِلَاّ بِقَتْلِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لأَِنَّ مَقْصُودَهُ الدَّفْعُ وَهُوَ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَلأَِنَّهُ لَوْ شَهَرَ الأَْبُ الْمُسْلِمُ سَيْفَهُ عَلَى ابْنِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ إِلَاّ بِقَتْلِهِ، يَقْتُلُهُ، فَهَذَا أَوْلَى (2) .
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا لِغَازٍ أَنْ يَقْتُل قَرِيبَهُ؛ لأَِنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ قَطْعِ الرَّحِمِ، وَقَتْل قَرِيبٍ مَحْرَمٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً؛ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَنَعَ أَبَا بَكْرٍ مِنْ قَتْل ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمَ أُحُدٍ. إِلَاّ أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى، أَوْ يَذْكُرَهُ أَوْ يَذْكُرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ نَبِيًّا مِنَ الأَْنْبِيَاءِ بِسُوءٍ (3) ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ أَوْ عَلِمَهُ مِنْهُ فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ فِي قَتْلِهِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ أَنْبِيَائِهِ، وَإِلَيْهِ مَال الْحَنَفِيَّةُ
(1) سورة لقمان / 15.
(2)
البدائع 7 / 101، وفتح القدير 5 / 203، وابن عابدين 3 / 225.
(3)
حديث: " منع أبا بكر من قتل ابنه عبد الرحمن " أخرجه البيهقي في السنن (8 / 186 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي الزناد وأعله ابن حجر في التلخيص (4 / 101 - ط شركة الطباعة الفنية) يضعف الواقدي روايه.