الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا فِي حَقِّ الإِْمَامِ، أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْجَهْرَ وَالْمُخَافَتَةَ مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ (1) .
وَعَدَّ الْمَالِكِيَّةُ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَالسِّرَّ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ الَّتِي تَنْجَبِرُ بِالسُّجُودِ (2) .
وَقَالُوا: لَا سُجُودَ فِي يَسِيرِ جَهْرٍ فِي سِرِّيَّةٍ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ فَقَطْ، أَوْ يَسِيرِ سِرٍّ فِي جَهْرِيَّةٍ، وَلَا فِي إِعْلَانٍ أَوْ إِسْرَارٍ فِي مِثْل آيَةٍ فِي مَحَل سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ (3) .
وَعَبَّرَ الدَّرْدِيرُ عَنْ حَاصِل الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ:
إِنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَأَتَى بَدَلَهُ بِالسِّرِّ فَقَدْ حَصَل مِنْهُ نَقْصٌ، لَكِنْ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ إِلَاّ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى حَرَكَةِ اللِّسَانِ.
وَإِنَّ مَنْ تَرَكَ السِّرَّ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ وَأَتَى بَدَلَهُ بِالْجَهْرِ فَقَدْ حَصَل مِنْهُ زِيَادَةٌ، لَكِنْ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ بَعْدَ السَّلَامِ، إِلَاّ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ فَوْقَ سَمَاعِ نَفْسِهِ وَمَنْ يُلَاصِقُهُ، بِأَنْ كَانَ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ بِنَحْوِ صَفٍّ فَأَكْثَر (4) .
(1) البناية 1 / 661، وفتح القدير 1 / 361.
(2)
أسهل المدارك 1 / 217، والكافي لابن عبد البر 1 / 228، وانظر الحطاب والمواق 2 / 18 - 19.
(3)
الدسوقي 1 / 279.
(4)
الشرح الصغير 1 / 155 - 156 ط المدني، والشرح الصغير وحاشية الصاوي عليه 1 / 382، نشر دار المعارف.
الْجَهْرُ فِي النَّوَافِل:
18 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي سُنِّيَّةِ الإِْسْرَارِ فِي نَوَافِل النَّهَارِ الْمُطْلَقَةِ (1) .
أَمَّا نَوَافِل اللَّيْل فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ سُنِّيَّةَ الْجَهْرِ فِيهَا (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالإِْخْفَاءِ؛ لأَِنَّ النَّوَافِل تَبَعٌ لِلْفَرَائِضِ لِكَوْنِهَا مُكَمِّلَاتٍ لَهَا فَيُخَيَّرُ فِيهَا الْمُنْفَرِدُ كَمَا يُخَيَّرُ فِي الْفَرَائِضِ.
وَإِنْ كَانَ إِمَامًا جَهَرَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهَا اتِّبَاعُ الْفَرَائِضِ، وَلِهَذَا يُخْفِي فِي نَوَافِل النَّهَارِ وَلَوْ كَانَ إِمَامًا (3) .
وَيَقُول الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْمُتَنَفِّل لَيْلاً يُرَاعِي الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ مَنْ يَتَأَذَّى بِجَهْرِهِ أَسَرَّ، وَإِنْ كَانَ مَنْ يَنْتَفِعُ بِجَهْرِهِ جَهَرَ (4) .
وَقَال صَاحِبُ التَّهْذِيبِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُتَوَسَّطُ (الْمُتَنَفِّل لَيْلاً) بَيْنَ الْجَهْرِ وَالإِْسْرَارِ.
(1) مجمع الأنهر 1 / 100، ومغني المحتاج 1 / 162، وروضة الطالبين 1 / 248، والمجموع 3 / 391، والمواق بهامش الحطاب 2 / 68، والزرقاني 1 / 281.
(2)
المواق 2 / 68، والزرقاني 1 / 281، وروضة الطالبين 1 / 248، والمجموع 3 / 391.
(3)
مجمع الأنهر 1 / 100.
(4)
كشاف القناع 1 / 344، ومطالب أولي النهى 1 / 441.