الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ حَرَامٌ، فَمَا أَدَّى إِلَيْهِ فَهُوَ حَرَامٌ. وَلَكِنْ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِخْرَاجُ الْمُصْحَفِ فِي جَيْشٍ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ، وَأَقَلُّهُ عِنْدَ الإِْمَامِ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَسْكَرُ الْعَظِيمُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَنْ تُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ (1) .
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ السَّفَرُ بِالْمُصْحَفِ لأَِرْضِهِمْ وَلَوْ مَعَ جَيْشٍ كَبِيرٍ، وَقَاسَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمُصْحَفِ كُتُبَ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ (2) .
وَإِذَا دَخَل مُسْلِمٌ إِلَيْهِمْ بِأَمَانٍ جَازَ حَمْل الْمُصْحَفِ مَعَهُ إِذَا كَانُوا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ تَعَرُّضِهِمْ لَهُ.
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَمَانٌ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إِرْسَال الْمُصْحَفِ إِلَيْهِمْ وَلَوْ طَلَبُوهُ لِيَتَدَبَّرُوهُ خَشْيَةَ إِهَانَتِهِمْ لَهُ، وَلَا يَنْطَبِقُ هَذَا عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الآْيَةُ وَنَحْوُهَا (3) .
ج -
مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ فِي الْجِهَادِ:
29 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْجِهَادِ
(1) حديث: " لن تغلب اثنا عشر ألفا من قلة ". أخرجه أبو داود (3 / 82 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 443 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عباس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2)
ابن عابدين 3 / 223، 224، والمبسوط 10 / 29، وحاشية الدسوقي 2 / 178، والمغني 1 / 149، 8 / 367.
(3)
ابن عابدين 3 / 224، والدسوقي 2 / 178.
قَتْل النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ، وَالْمَجَانِينِ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِل، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقْتُولَةً، فَنَهَى عَنْ قَتْل النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (1) .
وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَتْل الشُّيُوخِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَبِهِ قَال مُجَاهِدٌ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلاً، وَلَا امْرَأَةً (2)، وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَعْتَدُوا (3) } يَقُول: " لَا تَقْتُلُوا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، وَالشَّيْخَ الْكَبِيرَ " وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما. وَلأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْقِتَال فَلَا يُقْتَل كَالْمَرْأَةِ، وَقَدْ أَوْمَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي وُجِدَتْ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَال: مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِل (4) .
(1) حديث: " نهى عن قتل النساء والصبيان ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 148 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1364 - ط الحلبي) .
(2)
حديث: " لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا ولا امرأة ". أخرجه أبو داود (3 / 86 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أنس بن مالك، وإسناده حسن لغيره.
(3)
سورة البقرة / 190.
(4)
حديث: " ما كانت هذه لتقاتل. . . " أخرجه أبو داود (3 / 122 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (2 / 122 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث رباح بن ربيع، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: يَجُوزُ قَتْل الشُّيُوخِ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (1) } وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ (2) . وَلأَِنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُكَلَّفُونَ فَجَازَ قَتْلُهُمْ كَغَيْرِهِمْ. وَالْخِلَافُ فِي قَتْل الزَّمِنِ وَالأَْعْمَى وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا كَيَابِسِ الشِّقِّ، وَمَقْطُوعِ الْيُمْنَى، أَوِ الْمَقْطُوعِ مِنْ خِلَافٍ، كَالْخِلَافِ فِي الشَّيْخِ (3) .
وَلَا يُقْتَل الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ، وَلَا أَهْل الْكَنَائِسِ الَّذِينَ لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ، فَإِنْ خَالَطُوا قُتِلُوا كَالْقِسِّيسِ، وَلَا سَائِحٌ فِي الْجِبَال لَا يُخَالِطُ النَّاسَ.
وَالَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ، يُقْتَل فِي حَال إِفَاقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِل (4) .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمَرِيضَ يُقْتَل إِذَا كَانَ مِمَّنْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا قَاتَل؛ لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الإِْجْهَازِ عَلَى الْجَرِيحِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ، فَيَكُونُ
(1) سورة التوبة / 5.
(2)
حديث: " اقتلوا شيوخ المشركين، واستحيوا شرخهم " أخرجه الترمذي (4 / 145 - ط الحلبي) من حديث سمرة ابن جندب، وفي سنده انقطاع بين سمرة والراوي عنه.
(3)
البدائع 7 / 101، وابن عابدين 3 / 224، 225، وحاشية الدسوقي 2 / 176، ونهاية المحتاج 8 / 64، والمغني 8 / 477.
(4)
ابن عابدين 3 / 225، والبدائع 7 / 101.
بِمَنْزِلَةِ الزَّمِنِ لَا يُقْتَل؛ لأَِنَّهُ لَا يَخَافُ مِنْهُ أَنْ يَصِيرَ إِلَى حَالٍ يُقَاتِل فِيهَا.
وَكَذَلِكَ الْفَلَاّحُ الَّذِي لَا يُقَاتِل، وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:" اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْفَلَاّحِينَ الَّذِينَ لَا يَنْصِبُونَ لَكُمُ الْحَرْبَ ".
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُقْتَل، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْمُشْرِكِينَ (1) .
وَصَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْل رَسُول الْكُفَّارِ (2) .
وَيَجُوزُ قَتْل مَنْ قَاتَل مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَلَوِ امْرَأَةً؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَتَل يَوْمَ قُرَيْظَةَ امْرَأَةً طَرَحَتِ الرَّحَا عَلَى خَلَاّدِ بْنِ سُوَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ (3) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ؛ لِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَقَال: مَنْ قَتَل هَذِهِ؟ قَال رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: وَلِمَ؟ قَال: نَازَعَتْنِي قَائِمَ سَيْفِي. قَال: فَسَكَتَ (4) .
(1) المغني 8 / 478، 479.
(2)
روضة الطالبين 10 / 244، ونهاية المحتاج 8 / 64.
(3)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم قريظة. . . " أخرجه ابن إسحاق في المغازي كما في السيرة النبوية لابن كثير (3 / 242 - نشر دار إحياء التراث) .
(4)
حديث: " من قتل هذه؟ " أخرجه أبو داود في المراسيل كما في التلخيص الحبير (4 / 102 - ط شركة الطباعة الفنية) .