الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ فِي الْبَلَدِ فَلَهُ أَحْكَامُ الْحَاضِرِينَ، وَلِذَلِكَ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. (1) وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي أَبْوَابِهِ.
ب - عَدَمُ وُجُودِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ يُبِيحُ رُخْصَةَ التَّيَمُّمِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ دُخُول وَقْتِ الصَّلَاةِ فَلَا يَتَيَمَّمُ لِفَرِيضَةٍ إِلَاّ بَعْدَ دُخُول وَقْتِهَا، خِلَافًا لِلْوُضُوءِ؛ إِذْ يَجُوزُ قَبْل دُخُول وَقْتِ الصَّلَاةِ. (2) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.
ج - قَال الْقَلْيُوبِيُّ: لَوْ كَانَتِ الْحَاجَةُ غَيْرَ نَاجِزَةٍ فَهَل يَجُوزُ الأَْخْذُ لِمَا عَسَاهُ يَطْرَأُ؟ الظَّاهِرُ لَا، كَاقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِمَا عَسَاهُ يَكُونُ مِنَ الزَّرْعِ، وَنَحْوِهِ. (3)
د - فِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي: وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الأَْكْل مِمَّا يَمُرُّ عَلَيْهِ الإِْنْسَانُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ نَحْوِ الْفُول وَالْفَوَاكِهِ وَلَبَنِ الْغَنَمِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ، وَمُحَصَّلُهُ الْجَوَازُ لِلْمُحْتَاجِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ فَقِيل بِالْجَوَازِ وَقِيل بِعَدَمِهِ. قَال النَّفْرَاوِيُّ: الظَّاهِرُ مِنْ تِلْكَ الأَْقْوَال الْمَنْعُ، (4) لِعُمُومِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاّ بِطِيبِ نَفْسِهِ (5) .
(1) المغني 3 / 101، ومنح الجليل 1 / 409.
(2)
الشرح الصغير 1 / 74 ط الحلبي، والمغني 1 / 236.
(3)
قليوبي 2 / 142.
(4)
الفواكه الدواني 2 / 375.
(5)
حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه ". أخرجه الدارقطني (3 / 26 - ط دار المحاسن) من حديث أبي حرة الرقاشي، وفي إسناده مقال. وقد أورد ابن حجر في التلخيص شواهد تقويه. (التلخيص الحبير 3 / 46 - 47 - ط شركة الطباعة الفنية) .
هـ - فِي الْفُرُوقِ لِلْقَرَافِيِّ: الْغِيبَةُ مُحَرَّمَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (1) ، وَاسْتُثْنِيَ مِنَ الْغِيبَةِ صُوَرٌ، مِنْهَا: النَّصِيحَةُ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حِينَ شَاوَرَتْهُ لَمَّا خَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمٍ: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَال لَهُ (2) .
فَذَكَرَ عَيْبَيْنِ فِيهِمَا مِمَّا يَكْرَهَانِهِ لَوْ سَمِعَاهُ، فَذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ النَّصِيحَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَنْ تَكُونَ الْحَاجَةُ مَاسَّةً لِذَلِكَ احْتِرَازًا مِنْ ذِكْرِ عُيُوبِ النَّاسِ مُطْلَقًا، فَهَذَا حَرَامٌ، بَل لَا يَجُوزُ إِلَاّ عِنْدَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ. (3)
3 -
أَلَاّ يَكُونَ الأَْخْذُ بِمُقْتَضَى الْحَاجَةِ مُخَالِفًا لِقَصْدِ الشَّارِعِ:
15 -
قَال الشَّاطِبِيُّ: قَصَدَ الشَّارِعُ مِنَ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ فِي الْعَمَل مُوَافِقًا لِقَصْدِهِ فِي التَّشْرِيعِ، وَالشَّرِيعَةُ مَوْضُوعَةٌ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَالْمَطْلُوبُ مِنَ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى ذَلِكَ فِي
(1) سورة الحجرات / 12.
(2)
حديث: " أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية. . . " أخرجه مسلم (2 / 1114 - ط الحلبي) .
(3)
الفروق 4 / 205 - 206، والفواكه الدواني 2 / 370، 390.
أَفْعَالِهِ، وَأَلَاّ يَقْصِدَ خِلَافَ مَا قَصَدَ الشَّارِعُ. (1)
وَقَال الشَّاطِبِيُّ أَيْضًا: فَإِذَا كَانَ الأَْمْرُ فِي ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ عَلَى أَصْل الْمَشْرُوعِيَّةِ فَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مُوَافِقًا، وَالْمَصْلَحَةُ مُخَالِفَةً فَالْفِعْل غَيْرُ صَحِيحٍ وَغَيْرُ مَشْرُوعٍ. (2) اهـ.
وَعَلَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي أُبِيحَتْ لِلْحَاجَةِ تَيْسِيرًا وَتَسْهِيلاً لِمَصَالِحِ النَّاسِ.
وَمِنْ ذَلِكَ النِّكَاحُ فَالْمَقْصِدُ الأَْصْلِيُّ مِنْهُ التَّنَاسُل، وَيَلِي ذَلِكَ طَلَبُ السَّكَنِ وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالأُْخْرَوِيَّةِ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ بِالْحَلَال، وَالتَّحَفُّظِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ، فَجَمِيعُ هَذَا مَقْصُودٌ لِلشَّارِعِ مِنْ شَرْعِ النِّكَاحِ، وَنَوَاقِضُ هَذِهِ الأُْمُورِ مُضَادَّةٌ لِمَقَاصِدِ الشَّارِعِ، كَمَا إِذَا نَكَحَهَا لِيُحِلَّهَا لِمَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَكَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَكُل نِكَاحٍ عَلَى هَذَا السَّبِيل. (3) وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ خِلَافٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ:(نِكَاحٌ) .
وَمِنْ ذَلِكَ الإِْجَارَةُ فَإِنَّهَا شُرِعَتْ لِحَاجَةِ النَّاسِ، فَيَجِبُ اجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ الشَّرْعُ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ عَلَى النَّوْحِ وَالْغِنَاءِ وَالزَّمْرِ وَكُل مَا مَنْفَعَتُهُ مُحَرَّمَةٌ. (4)
وَالْقَرْضُ شُرِعَ لِحَاجَةِ النَّاسِ وَمَصْلَحَةِ
(1) الموافقات 2 / 331.
(2)
الموافقات 2 / 385.
(3)
الموافقات 2 / 396 - 397، والمغني 6 / 644 - 646.
(4)
المغني 5 / 550، وهامش الفروق 4 / 8.
الْمَعْرُوفِ لِلْعِبَادِ، وَمَتَى خَرَجَ عَنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ امْتَنَعَ، إِمَّا لِتَحْصِيل مَنْفَعَةِ الْمُقْرِضِ، أَوْ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالسَّلَفِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَعْرُوفِ مَعَ تَعَيُّنِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ مُخَالَفَةُ الْقَوَاعِدِ. (1)
وَالْمَقْصُودُ بِشَرْعِيَّةِ الزَّكَاةِ رَفْعُ رَذِيلَةِ الشُّحِّ وَتَحْقِيقُ مَصْلَحَةِ إِرْفَاقِ الْمَسَاكِينِ، فَمَنْ وَهَبَ فِي آخِرِ الْحَوْل مَالَهُ هَرَبًا مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ ثُمَّ إِذَا كَانَ فِي حَوْلٍ آخَرَ أَوْ قَبْل ذَلِكَ اسْتَوْهَبَهُ، فَهَذَا الْعَمَل تَقْوِيَةٌ لِوَصْفِ الشُّحِّ وَإِمْدَادٌ لَهُ وَرَفْعٌ لِمَصْلَحَةِ إِرْفَاقِ الْمَسَاكِينِ، فَصُورَةُ هَذِهِ الْهِبَةِ لَيْسَتْ هِيَ الْهِبَةُ الَّتِي نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَيْهَا؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ إِرْفَاقٌ وَإِحْسَانٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَتَوْسِيعٌ عَلَيْهِ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَهَذِهِ الْهِبَةُ تُنَافِي قَصْدَ الشَّارِعِ فِي رَفْعِ الشُّحِّ عَنِ النُّفُوسِ، وَالإِْحْسَانِ إِلَى عِبَادِ اللَّهِ، وَالْقَصْدُ غَيْرُ الشَّرْعِيِّ هَادِمٌ لِلْقَصْدِ الشَّرْعِيِّ. (2)
كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَحَيَّل الإِْنْسَانُ لإِِيجَادِ سَبَبٍ يَتَرَخَّصُ بِمُقْتَضَاهُ، كَمَنْ أَنْشَأَ سَفَرًا لِيَقْصُرَ الصَّلَاةَ أَوْ أَنْشَأَ سَفَرًا فِي رَمَضَانَ لِيَأْكُل فِي النَّهَارِ، أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ بِهِ فَوَهَبَهُ كَيْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَكَالْهُرُوبِ مِنَ الزَّكَاةِ بِجَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ أَوْ تَفْرِيقِ الْمُتَجَمِّعِ، وَكَالزَّوْجَةِ الَّتِي تُرْضِعُ جَارِيَةَ الزَّوْجِ أَوِ الضَّرَّةِ لِتَحْرُمَ عَلَيْهِ،
(1) الفروق 4 / 2، وهامش الفروق 4 / 4.
(2)
الموافقات 2 / 385 - 386.