الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْجِهَادُ بِتَعْيِينِ الإِْمَامِ وَلَوْ لِصَبِيٍّ مُطِيقٍ لِلْقِتَال أَوِ امْرَأَةٍ، وَتَعْيِينُ الإِْمَامِ إِلْجَاؤُهُ إِلَيْهِ وَجَبْرُهُ عَلَيْهِ، كَمَا يَلْزَمُ بِمَا فِيهِ صَلَاحُ حَالِهِ، لَا بِمَعْنَى عِقَابِهِ عَلَى تَرْكِهِ، فَلَا يُقَال: إِنَّ تَوَجُّهَ الْوُجُوبِ لِلصَّبِيِّ خَرْقٌ لِلإِْجْمَاعِ (1) .
حِكْمَةُ تَشْرِيعِ الْجِهَادِ:
10 -
الْقَصْدُ مِنَ الْجِهَادِ دَعْوَةُ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الإِْسْلَامِ، أَوِ الدُّخُول فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَدَفْعِ الْجِزْيَةِ، وَجَرَيَانُ أَحْكَامِ الإِْسْلَامِ عَلَيْهِمْ، وَبِذَلِكَ يَنْتَهِي تَعَرُّضُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَاعْتِدَاؤُهُمْ عَلَى بِلَادِهِمْ، وَوُقُوفُهُمْ فِي طَرِيقِ نَشْرِ الدَّعْوَةِ الإِْسْلَامِيَّةِ، وَيَنْقَطِعُ دَابِرُ الْفَسَادِ، قَال تَعَالَى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَاّ عَلَى الظَّالِمِينَ (2) } .
وَقَال عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَل رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (3) } .
وَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسِيرَتُهُ، وَسِيرَةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَادِ الْكُفَّارِ، وَتَخْيِيرِهِمْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ مُرَتَّبَةٍ وَهِيَ:
(1) حاشية الدسوقي 2 / 175، وجواهر الإكليل 1 / 252.
(2)
سورة البقرة / 193.
(3)
سورة التوبة / 33.
قَبُول الدُّخُول فِي الإِْسْلَامِ، أَوِ الْبَقَاءُ عَلَى دِينِهِمْ مَعَ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَعَقْدُ الذِّمَّةِ. فَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوا، فَالْقِتَال.
وَلَا يَنْطَبِقُ هَذَا عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ، عَلَى تَفْصِيلٍ وَخِلَافٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ:(جِزْيَةٌ، وَأَهْل الذِّمَّةِ) .
الاِسْتِئْذَانُ فِي الْجِهَادِ:
أ -
إِذْنُ الْوَالِدَيْنِ:
11 -
لَا يَجُوزُ الْجِهَادُ إِلَاّ بِإِذْنِ الأَْبَوَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، أَوْ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا إِنْ كَانَ الآْخَرُ كَافِرًا، إِلَاّ إِذَا تَعَيَّنَ، كَأَنْ يَنْزِل الْعَدُوُّ بِقَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَفَرْضٌ عَلَى كُل مَنْ يُمْكِنُهُ إِعَانَتُهُمْ أَنْ يَقْصِدَهُمْ مُغِيثًا لَهُمْ، أَذِنَ الأَْبَوَانِ أَمْ لَمْ يَأْذَنَا، إِلَاّ أَنْ يَضِيعَا، أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَهُ، فَلَا يَحِل لَهُ تَرْكُ مَنْ يَضِيعُ مِنْهُمَا؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَال عليه الصلاة والسلام: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ (1) . فَدَل عَلَى أَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجِهَادِ. وَلأَِنَّ الأَْصْل فِي الْجِهَادِ أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ يَنُوبُ عَنْهُ غَيْرُهُ فِيهِ، وَبِرُّ
(1) حديث: " أحي والداك؟ قال: نعم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 140 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1975 - ط الحلبي) .