الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ -
أَثَرُ الْجُنُونِ فِي الزَّكَاةِ:
14 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَال الْمَجْنُونِ وَيُخْرِجُهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ، أَخْرَجَ الْمَجْنُونُ بَعْدَ الإِْفَاقَةِ زَكَاةَ مَا مَضَى، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ، فَلْيَتَّجِرْ لَهُ، وَلَا يَتْرُكُهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ (1) وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه، وَإِنَّمَا تَأْكُلُهُ الصَّدَقَةُ بِإِخْرَاجِهَا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إِخْرَاجُهَا إِذَا كَانَتْ وَاجِبَةً؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَال الْيَتِيمِ؛ وَلأَِنَّ الشَّارِعَ جَعَل مِلْكَ النِّصَابِ سَبَبًا فِي الزَّكَاةِ وَالنِّصَابُ مَوْجُودٌ، وَالْخِطَابُ بِإِخْرَاجِهَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَلِيِّ. (2) وَالْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ.
وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَابِرٌ رضي الله عنهم، وَبِهِ
(1) حديث: " من ولي يتيما له مال. . . " أخرجه الدارقطني (2 / 110 ط شركة الطباعة الفنية) والترمذي (3 / 23 ط مصطفى الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو وضعف الحديث الترمذي. وابن حجر في التلخيص الحبير (2 / 157 ط شركة الطباعة الفنية) .
(2)
حاشية الدسوقي 1 / 445، وجواهر الإكليل 1 / 126، 127، والشرح الصغير 1 / 589، وابن رشد 1 / 251، وروضة الطالبين 2 / 149، والمغني 2 / 622، 623، ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص 74، 75.
قَال جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمْ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مَال. الْمَجْنُونِ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالْعِبَادَةِ، وَالزَّكَاةُ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِل (1) .
وَقَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَالنَّخَعِيُّ.
وَحَدُّ امْتِدَادِ الْجُنُونِ فِي حَقِّ الزَّكَاةِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَسْتَغْرِقَ الْحَوْل، وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ امْتِدَادَهُ فِي حَقِّ الزَّكَاةِ بِأَكْثَرِ السَّنَةِ وَنِصْفِ السَّنَةِ مُلْحَقٌ بِالأَْقَل؛ لأَِنَّ كُل وَقْتِهَا الْحَوْل، إِلَاّ أَنَّهُ مَدِيدٌ جِدًّا، فَقُدِّرَ بِأَكْثَرِ الْحَوْل عَمَلاً بِالتَّيْسِيرِ وَالتَّخْفِيفِ، فَإِنَّ اعْتِبَارَ أَكْثَرِ السَّنَةِ أَيْسَرُ وَأَخَفُّ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ مَجْنُونًا، وَهُوَ مَالِكٌ لِنِصَابٍ فَزَال جُنُونُهُ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْل مِنْ وَقْتِ الْبُلُوغِ وَهُوَ مُفِيقٌ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لأَِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجُنُونِ الأَْصْلِيِّ وَالْعَارِضِ، وَلَا تَجِبُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ،
(1) حديث: " رفع القلم عن ثلاثة. . . " سبق تخريجه (ف 11) .