الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، خُطْبَةٌ) .
أَثَرُ الْجَنَابَةِ فِي الصَّوْمِ:
25 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ إِذَا كَانَتْ بِالْجِمَاعِ عَمْدًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنَّهَا تُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَلِكَ الْقَضَاءُ، إِلَاّ فِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ؛ لأَِنَّ الْخَلَل الْحَاصِل قَدِ انْجَبَرَ بِالْكَفَّارَةِ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَسْقُطُ إِلَاّ إِنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ، وَلَكِنِ الأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ مَعَ الْكَفَّارَةِ.
وَالدَّلِيل عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكْتُ، قَال: مَا لَكَ؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ.
فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَل تَجِدُ رَقَبَةً تَعْتِقُهَا؟ قَال لَا. قَال فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال لَا. قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال لَا. قَال فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعِرْقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعِرْقُ: الْمِكْتَل - قَال: أَيْنَ السَّائِل؟ فَقَال أَنَا. قَال: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ. فَقَال الرَّجُل: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْل بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْل بَيْتِي. فَضَحِكَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَال: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ (1) .
وَالْكَفَّارَةُ فِيمَا سَبَقَ إِنَّمَا تَجِبُ إِذَا كَانَ الْجِمَاعُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ لَكِنْ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَالْقَضَاءِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالنِّسْيَانِ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانٌ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُفْطِرْ، وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْقَوْل الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ يَجِبُ الْقَضَاءُ. وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ عَمْدًا فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (2) .
26 -
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْجَنَابَةُ بِالإِْنْزَال بِغَيْرِ جِمَاعٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. فَإِنْ كَانَ عَنِ احْتِلَامٍ فَلَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِالإِْجْمَاعِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الْحِجَامَةُ، وَالْقَيْءُ
(1) حديث: أبي هريرة: " بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 163 - ط السلفية) .
(2)
الاختيار 1 / 131، والهداية 1 / 122، والبدائع 2 / 90 - 98، وجواهر الإكليل 1 / 150، والشرح الصغير 1 / 248، - 249 ط الحلبي، ومغني المحتاج 1 / 442 - 444، والمهذب 1 / 190، والمغني 3 / 120 - 121، وشرح منتهى الإرادات 1 / 451 - 452.