الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي حَوَاشِي الطَّحْطَاوِيِّ عَلَى الْمَرَاقِي وَغَيْرِهَا.
وَقَال الشَّوْكَانِيُّ: إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ طِفْلاً اسْتُحِبَّ أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا. (1)
وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ يَأْتِي بِأَيِّ دُعَاءٍ شَاءَ، وَقَال فِي الدُّرِّ: لَا يَسْتَغْفِرُ فِيهَا لِصَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ، وَمَعْتُوهٍ؛ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ:" وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا " لأَِنَّ الْمَقْصُودَ الاِسْتِيعَابُ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوِ اسْتَمَرَّ مَجْنُونًا قَال: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ - إِلَخْ وَظَاهِرُهُ الاِقْتِصَارُ عَلَيْهِ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ يَكُونُ بَدَل الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ لِلْبَالِغِينَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا، فَكَأَنَّ أَقْوَال الأَْرْبَعَةِ اتَّفَقَتْ فِي الدُّعَاءِ لِلصَّغِيرِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ. (2)
الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ:
26 -
الدُّعَاءُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ رُكْنٌ، وَلَكِنْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَدْعُو عَقِبَ كُل تَكْبِيرَةٍ حَتَّى
(1) حديث: " اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وأجرا " أخرجه البيهقي (4 / 9 - 10 ط دار المعرفة) موقوفا على أبي هريرة.
(2)
المصادر السابقة والطحطاوي على مراقي الفلاح 341، وابن عابدين 1 / 612، والهندية 1 / 161.
الرَّابِعَةِ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ عِنْدَهُمْ لَا يَجِبُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَقَل الدُّعَاءِ أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَحْسَنُهُ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ أَنْ يَقُول: بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ.
وَيَقُول فِي الْمَرْأَةِ: اللَّهُمَّ إِنَّهَا أَمَتُكَ وَبِنْتُ عَبْدِكَ وَبِنْتُ أَمَتِكَ، وَيَسْتَمِرُّ فِي الدُّعَاءِ الْمُتَقَدِّمِ بِصِيغَةِ التَّأْنِيثِ، وَيَقُول فِي الطِّفْل الذَّكَرِ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ أَنْتَ خَلَقْتَهُ وَرَزَقْتَهُ، وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا، وَفَرَطًا وَأَجْرًا، وَثَقِّل بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَلَا تَفْتِنَّا وَإِيَّاهُمَا بَعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ وَيَزِيدُ فِي الْكَبِيرِ: وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ.
فَإِنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى ذَكَرٍ وَأُنْثَى مَعًا يُغَلِّبُ الذَّكَرَ عَلَى الأُْنْثَى فَيَقُول: إِنَّهُمَا عَبْدَاكَ وَابْنَا عَبْدَيْكَ وَابْنَا أَمَتَيْكَ. . . إِلَخْ.
وَكَذَا إِذَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَإِنَّهُ يُغَلِّبُ الذُّكُورَ عَلَى الإِْنَاثِ فَيَقُول: اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عَبِيدُكَ وَأَبْنَاءُ عَبِيدِكَ. . . إِلَخْ. فَإِنْ
كَانَ يُصَلِّي عَلَى نِسَاءٍ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنَّهُنَّ إِمَاؤُكَ، وَبَنَاتُ عَبِيدِكَ، وَبَنَاتُ إِمَائِكَ كُنَّ يَشْهَدْنَ. . إِلَخْ. وَيَزِيدُ عَلَى الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ فِي حَقِّ كُل مَيِّتٍ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَِسْلَافِنَا، وَأَفْرَاطِنَا، وَمَنْ سَبَقَنَا بِالإِْيمَانِ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِْيمَانِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِْسْلَامِ، وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ. (1)
وَالْفَرْضُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَدْنَى دُعَاءٍ لِلْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ. (2)
وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلاً عَلَى طَلَبِ الْخَيْرِ لِلْمَيِّتِ الْحَاضِرِ، فَلَوْ دَعَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ دُعَاءٍ لَهُ لَا يَكْفِي، إِلَاّ إِذَا كَانَ صَبِيًّا، فَإِنَّهُ يَكْفِي كَمَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِوَالِدَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ بِهِ أَمْرًا أُخْرَوِيًّا كَطَلَبِ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَلَا يَتَقَيَّدُ
(1) الفقه على المذاهب الأربعة 1 / 403، والشرح الصغير 1 / 225، 226، وقد عد فيه الدعاء من الأركان وكذا النية والتكبيرات والتسليمة الواحدة والقيام لها
(2)
حديث: " إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء " أخرجه أبو داود (3 / 538 ط عزت عبيد الدعاس) وابن ماجه (1 / 480 ط عيسى الحلبي) من حديث أبي هريرة حسنه السيوطي (فيض القدير 1 / 393 ط المكتبة التجارية) ووافقه المناوي. قال ابن حجر: فيه محمد بن إسحاق وقد عنعن لكن أخرجه ابن حبان (5 / 31 ط دار الكتب العلمية) من طريقين آخرين مصرحا بالسماع أ. هـ من تلخيص الحبير 2 / 122 ط شركة الطباعة الفنية.
الْمُصَلِّي فِي الدُّعَاءِ بِصِيغَةٍ خَاصَّةٍ، وَالأَْفْضَل أَنْ يَدْعُوَ بِالدُّعَاءِ الْمَشْهُورِ الَّذِي انْتَخَبَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَجْمُوعِ أَحَادِيثَ وَهُوَ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ، خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسِعَتِهَا، وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِنَّهُ نَزَل بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إِلَى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إِلَيْكَ شُفَعَاءَ لَهُ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ رِضَاكَ وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَجَافِ الأَْرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ الأَْمْنَ مِنْ عَذَابِكَ حَتَّى تَبْعَثَهُ آمِنًا إِلَى جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (1)
27 -
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُول قَبْلَهُ: الدُّعَاءَ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِْسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِْيمَانِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ. (2)
(1) حديث: " اللهم هذا عبدك وابن عبديك خرج من روح الدنيا. . . " لم نعثر عليه في المصادر الحديثية التي بين أيدينا.
(2)
حديث: " اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا. . . " سبق تخريجه (ف 25) .
وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُول: بَيْنَ الدُّعَاءَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَْبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُلَاحِظَ الْمُصَلِّي فِي دُعَائِهِ التَّذْكِيرَ وَالتَّأْنِيثَ، وَالتَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ، بِمَا يُنَاسِبُ حَال الْمَيِّتِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يُذَكِّرَ مُطْلَقًا بِقَصْدِ الشَّخْصِ، وَأَنْ يُؤَنِّثَ مُطْلَقًا بِقَصْدِ الْجِنَازَةِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَقُول فِي الدُّعَاءِ عَلَى الصَّغِيرِ بَدَل الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لأَِبَوَيْهِ، وَسَلَفًا، وَذُخْرًا وَعِظَةً، وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا، وَثَقِّل بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَفْرِغِ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا، وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ، وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ. (1)
وَيَتَأَدَّى الرُّكْنُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِأَدْنَى دُعَاءٍ لِلْمَيِّتِ يَخُصُّهُ بِهِ نَحْوَ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ.
وَمَحَل الدُّعَاءِ عِنْدَهُمْ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ وَيَجُوزُ عَقِبَ الرَّابِعَةِ، وَلَا يَصِحُّ عَقِبَ سِوَاهُمَا.
وَالْمَسْنُونُ الدُّعَاءُ بِمَا وَرَدَ، وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا وَمَثْوَانَا، وَأَنْتَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ مَنْ
(1) شرح البهجة الوردية 2 / 111.
أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِْسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَْبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ، وَهَذَا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ الْكَبِيرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إِلَاّ أَنَّهُ يُؤَنِّثُ الضَّمَائِرَ فِي الأُْنْثَى.
وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا أَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَاسْتَمَرَّ عَلَى جُنُونِهِ حَتَّى مَاتَ قَال فِي الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ، وَفَرَطًا وَأَجْرًا، وَشَفِيعًا مُجَابًا، اللَّهُمَّ ثَقِّل بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الْجَحِيمِ، يُقَال ذَلِكَ فِي الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى إِلَاّ أَنَّهُ يُؤَنَّثُ فِي الْمُؤَنَّثِ. (1)
28 -
وَلَيْسَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ سُنَنٌ بَل لَهَا مُسْتَحَبَّاتٌ، وَهِيَ الإِْسْرَارُ بِهَا، وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُْولَى فَقَطْ، حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ، وَابْتِدَاءُ الدُّعَاءِ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوُقُوفُ الإِْمَامِ عِنْدَ وَسَطِ الرَّجُل،
(1) الغرر البهية في شرح البهجة الوردية 2 / 111، وغاية المنتهى 1 / 241، 242.
وَعِنْدَ مَنْكِبَيِ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَقِفُ خَلْفَ الإِْمَامِ كَمَا يَقِفُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَاةِ، وَجَهْرُ الإِْمَامِ بِالسَّلَامِ وَالتَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ مَنْ خَلْفَهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُسِرُّ فِيهَا. (1)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: سُنَّتُهَا التَّعَوُّذُ قَبْل الْفَاتِحَةِ، وَالتَّأْمِينُ، وَالإِْسْرَارُ بِالْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ وَسَائِرِ الأَْقْوَال فِيهَا وَلَوْ فُعِلَتْ لَيْلاً، عَدَا التَّكْبِيرِ وَالسَّلَامِ فَيَجْهَرُ بِهَا، وَفِعْل الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ فَأَكْثَر إِذَا أَمْكَنَ، وَأَقَل الصَّفِّ اثْنَانِ وَلَوْ بِالإِْمَامِ، وَلَا تُكْرَهُ مُسَاوَاةُ الْمَأْمُومِ لِلإِْمَامِ فِي الْوُقُوفِ، حِينَئِذٍ وَاخْتِيَارُ أَكْمَل صِيَغِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى الآْل دُونَ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَعَلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام، وَالتَّحْمِيدُ قَبْل الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالتَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ، وَأَنْ يَقُول بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ قَبْل السَّلَامِ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ. ثُمَّ يَقْرَأُ {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} (2) وَأَنْ يَقِفَ الإِْمَامُ أَوِ الْمُنْفَرِدُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُل، وَعِنْدَ عَجُزِ الأُْنْثَى أَوِ الْخُنْثَى، وَأَنْ يَرْفَعَ
(1) الشرح الصغير 1 / 223.
(2)
سورة غافر / 7.
يَدَيْهِ عِنْدَ كُل تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ يَضَعَهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ، وَأَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مِنْ أَشْخَاصٍ مُتَغَايِرِينَ، أَمَّا إِعَادَتُهَا مِمَّنْ أَقَامُوهَا أَوَّلاً فَمَكْرُوهَةٌ.
وَمِنَ السُّنَنِ تَرْكُ دُعَاءِ الاِفْتِتَاحِ، وَتَرْكُ السُّورَةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْل أَنْ يُكَفَّنَ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: سُنَنُهَا فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَأَنْ لَا يَنْقُصَ عَدَدُ كُل صَفٍّ عَنْ ثَلَاثَةٍ إِنْ كَثُرَ الْمُصَلُّونَ، وَإِنْ كَانُوا سِتَّةً جَعَلَهُمُ الإِْمَامُ صَفَّيْنِ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً جَعَل كُل اثْنَيْنِ صَفًّا، وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ كَغَيْرِهَا مِنَ الصَّلَاةِ، وَأَنْ يَقِفَ الإِْمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُل وَوَسَطِ الأُْنْثَى، وَأَنْ يُسِرَّ بِالْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ فِيهَا (2) وَقَدْ ذَكَرُوا التَّعَوُّذَ وَالتَّسْمِيَةَ قَبْل قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَى تَصْرِيحٍ لَهُمْ بِسُنِّيَّتِهَا.
29 -
وَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ سَبْعَةً قَامُوا ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ وَيَقُومُ خَلْفَهُ ثَلَاثَةٌ، وَخَلْفَهُمُ اثْنَانِ، وَخَلْفَهُمَا وَاحِدٌ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ الصُّفُوفُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، وَلَا يَنْقُصُ عَدَدُ كُل صَفٍّ عَنْ ثَلَاثَةٍ إِنْ كَثُرَ الْمُصَلُّونَ، وَإِنْ كَانُوا سِتَّةً جَعَلَهُمُ الإِْمَامُ صَفَّيْنِ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً جَعَل كُل اثْنَيْنِ صَفًّا،
(1) شرح البهجة الوردية 2 / 110 - 114.
(2)
غاية المنتهى 1 / 240.