الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَعَسُّرِهِ، بِسَبَبِ انْدِرَاسِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانَتْ يُصَلَّى فِيهَا عَلَيْهَا، يَنْبَغِي الإِْفْتَاءُ بِالْقَوْل بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الأَْوْلَى، وَلَا يُكْرَهُ لِعُذْرِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ، كَاعْتِكَافِ الْوَلِيِّ، وَمَنْ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ وَيُصَلِّي فِيهِ غَيْرُهُ تَبَعًا لَهُ، وَأَمَّا الْمَسْجِدُ الَّذِي خُصِّصَ لأَِجْل صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ.
وَقَال مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنْ وُضِعَتْ قُرْبَ الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهَا بِصَلَاةِ الإِْمَامِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهَا إِذَا ضَاقَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ بِأَهْلِهِ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ كُرِهَ إِدْخَالُهَا الْمَسْجِدَ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا أُمِنَ تَلْوِيثُهُ، أَمَّا إِذَا خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ إِدْخَالُهُ، وَحُجَّةُ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِيهِ عَلَى سَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ بَيْضَاءَ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَال الشَّافِعِيَّةُ. فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ؛ وَلأَِنَّ الْمَسْجِدَ أَشْرَفُ. (1)
(1) ابن عابدين 1 / 619، 620، والهندية 1 / 162، والمدونة 1 / 161، والشرح الصغير 1 / 229، وغاية المنتهى 1 / 240، وتعليق المقنع 1 / 279، والفقه على المذاهب 1 / 412، وشرح البهجة 2 / 117، ولفظه " فعلها فيه أفضل ". والحديث:" لأنه صلى الله عليه وسلم صلى فيه على سهل وسهيل ابني بيضاء " أخرجه مسلم (2 / 669 ط عيسى الحلبي) من حديث عائشة.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تُبَاحُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَمْنِ تَلْوِيثٍ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ لَمْ يَجُزْ.
الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ:
39 -
فِيهَا لِلْفُقَهَاءِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا بَأْسَ بِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَبْرٍ (1) وَهُوَ فِي الْمَقْبَرَةِ. وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: ذَكَرَ نَافِعٌ أَنَّهُ صُلِّيَ عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسْطَ قُبُورِ الْبَقِيعِ، صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَفَعَل ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: يُكْرَهُ ذَلِكَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَالأَْرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَاّ الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ (2) وَلأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَكُرِهَتْ فِيهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَالْحَمَّامِ (3) .
(1) حديث: " صلاته على قبر. . . " سبق تخريجه (ف / 37) .
(2)
حديث: " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام " أخرجه أحمد في المسند (3 / 96 ط المكتب الإسلامي) وأبو داود (1 / 330 ط عزت عبيد الدعاس) وابن ماجه (1 / 246 ط عيسى الحلبي) والترمذي (2 / 131 ط مصطفى الحلبي) من حديث أبي سعيد. وصححه أحمد شاكر.
(3)
الهندية 1 / 162، وغنية المتملي ص497 طبعة لاهور سنة 1316 هـ والشرح الصغير 1 / 228، وشرح البهجة 2 / 99، 117، والمغني لابن قدامة 2 / 494، والفقه على المذاهب الأربعة 1 / 417