الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْل الأَْوَّل:
أَنَّ سَبَبِ وُجُوبِهَا هُوَ اسْتِحْقَاقُ الْحَبْسِ الثَّابِتِ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ (1) ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ (2) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فَلَا نَفَقَةَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ؛ لاِنْعِدَامِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ حَقُّ الْحَبْسِ الثَّابِتِ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ، وَكَذَا فِي عُدَّتِهِ (3) .
وَدَلِيل هَؤُلَاءِ عُمُومُ قَوْل اللَّهِ عز وجل: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ (4) } .
فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِنَّ دُونَ تَقْيِيدٍ بِوَقْتٍ، فَدَل هَذَا عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُنَّ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ.
وَكَذَلِكَ عُمُومُ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (5) ، وَهَذَا يُوجِبُ لَهُنَّ النَّفَقَةَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ.
وَلأَِنَّ حَقَّ الْحَبْسِ الثَّابِتِ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا
(1) فَتْحُ الْقَدِيرِ 4 / 192، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ 2 / 644، وَالْبَدَائِعُ 4 / 16.
(2)
شَرْحُ جَلَال الدِّينِ الْمَحَلِّيِّ عَلَى مِنْهَاجِ الطَّالِبِينَ 4 / 77 مَعَ حَاشِيَةِ عُمَيْرَةَ.
(3)
رَدُّ الْمُحْتَارِ 2 / 644.
(4)
سُورَةُ الطَّلَاقِ / 7
(5)
حَدِيثُ: " وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ. . ". تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ ف 4.
بِسَبَبِ النِّكَاحِ مُؤَثِّرٌ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنَ الاِكْتِسَابِ بِحَقِّهِ، فَكَانَ نَفْعُ حَبْسِهَا عَائِدًا إِلَيْهِ، فَكَانَتْ كِفَايَتُهَا عَلَيْهِ (1) .
وَلأَِنَّ مَنْ كَانَ مَحْبُوسًا بِحَقِّ شَخْصٍ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَفَرُّغِهِ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ، كَالْقَاضِي وَالْوَالِي وَالْعَامِل فِي الصَّدَقَاتِ وَالْمُضَارِبِ إِذَا سَافَرَ بِمَال الْمُضَارَبَةِ (2) .
الْقَوْل الثَّانِي:
لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ إِلَاّ بِالتَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ.
وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْمَالِكِيَّةُ (3) ، وَالْحَنَابِلَةُ (4) ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (5) ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ (6) .
قَال صَاحِبُ الْكِفَايَةِ: قَال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِذَا لَمْ تُزَفَّ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (7) .
(1) الْبَدَائِعُ 4 / 16.
(2)
تَبْيِينُ الْحَقَائِقِ 3 / 51.
(3)
الشَّرْحُ الْكَبِيرُ لِلدَّرْدِيرِ 2 / 508، وَشَرْحُ الْخُرَشِيِّ 4 / 183، وَمَوَاهِبُ الْجَلِيل 4 / 182.
(4)
الْمُغْنِي 9 / 230.
(5)
الْكِفَايَةُ عَلَى الْهِدَايَةِ 4 / 192 - 193.
(6)
حَاشِيَةُ عُمَيْرَةَ 477، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ 3 / 435.
(7)
الْكِفَايَةُ عَلَى الْهِدَايَةِ 4 / 192 - 193.