الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِذِ الْوَاجِبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالاِسْتِطَابَةِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ (1) } ، وَلَا يَجِبُ الْعَدَدُ بِالإِْجْمَاعِ (2) وَلِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ (3) } .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ لَهُ شَهْوَةٌ وَلَا يَخَافُ الزِّنَا يُسَنُّ لَهُ النِّكَاحُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ "، عَلَّل أَمْرَهُ بِأَنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَخَاطَبَ الشَّبَابَ لأَِنَّهُمْ أَغْلَبُ شَهْوَةً، وَذَكَرَهُ بِأَفْعَل التَّفْضِيل، فَدَل عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى لِلأَْمْنِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورِ النَّظَرِ وَالزِّنَا، وَيُسَنُّ لَهُ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا عَاجِزًا عَنِ الإِْنْفَاقِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ وَمَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ، وَيُمْسِي وَمَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ، وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم " زَوَّجَ رَجُلاً لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَلَا وَجَدَ إِلَاّ إِزَارَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رِدَاءٌ (4)
(1) سورة النساء / 3.
(2)
مغني المحتاج 3 / 125، 126، ونهاية المحتاج 6 / 178 - 180، وتحفة المحتاج 7 / 183 - 187 ط دار صادر.
(3)
سورة النساء / 3
(4)
حديث: أنه صلى الله عليه وسلم زوج رجلا لم يقدر على خاتم من حديد. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 131 ط السلفية) من حديث سهل بن سعد
وَقَال أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ قَلِيل الْكَسْبِ يَضْعُفُ قَلْبُهُ عَنِ التَّزَوُّجِ: اللَّهُ يَرْزُقُهُمُ، التَّزَوُّجُ أَحْصَنُ لَهُ.
هَذَا فِي حَقِّ مَنْ يُمْكِنُهُ التَّزَوُّجُ، فَأَمَّا مَنْ لَا يُمْكِنُهُ فَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (1) } ، وَنَقَل صَالِحٌ: يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ، وَاشْتِغَال ذِي الشَّهْوَةِ بِالنِّكَاحِ أَفْضَل مِنْ نَوَافِل الْعِبَادَةِ وَمِنَ التَّخَلِّي لِنَوَافِل الْعِبَادَةِ، قَال ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجْلِي إِلَاّ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَأَعْلَمُ أَنِّي أَمُوتُ فِي آخِرِهَا يَوْمًا وَلِي طَوْل النِّكَاحِ فِيهِنَّ لَتَزَوَّجْتُ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ، قَال أَحْمَدُ: لَيْسَتِ الْعُزُوبَةُ مِنْ أَمْرِ الإِْسْلَامِ فِي شَيْءٍ، وَلأَِنَّ مَصَالِحَ النِّكَاحِ أَكْثَرُ مِنْ مَصَالِحِ التَّخَلِّي لِنَوَافِل الْعِبَادَةِ، لاِشْتِمَالِهِ عَلَى تَحْصِينِ فَرْجِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَحِفْظِهَا، وَالْقِيَامِ بِهَا، وَإِيجَادِ النَّسْل، وَتَكْثِيرِ الأُْمَّةِ، وَتَحْقِيقِ مُبَاهَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الرَّاجِحِ أَحَدُهَا عَلَى نَفْل الْعِبَادَةِ (2) .
ثَالِثًا: الْكَرَاهَةُ:
15 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَكُونُ النِّكَاحُ مَكْرُوهًا
(1) سورة النور / 33
(2)
كشاف القناع 5 / 6 وما بعدها، ومطالب أولي النهى 5 / 5 وما بعدها، والإنصاف 8 / 6 - 15.