الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي مُخَالِفًا لِلإِْجْمَاعِ، فَيَكُونُ بَاطِلاً، وَلأَِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الاِجْتِهَادُ بِالاِجْتِهَادِ، وَالدَّعْوَى مَتَى فَصَلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْتَقَضُ وَلَا تُعَادُ، فَيَكُونُ قَضَاءُ الأَْوَّل صَحِيحًا، وَقَضَاءُ الثَّانِيَ بِالرَّدِّ بَاطِلاً (1) وَشَرْطُ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ أَنْ يَكُونَ فِي حَادِثَةٍ وَدَعْوَى صَحِيحَةٍ، فَإِنْ فَاتَ هَذَا الشَّرْطُ كَانَ فَتْوَى لَا حُكْمًا (2) .
أَمَّا إِذَا كَانَ الْقَضَاءُ نَفْسُهُ مُجْتَهَدًا فِيهِ، أَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ مَحَل الاِجْتِهَادِ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْحُكْمُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي النَّازِلَةِ مَوْضُوعِ الدَّعْوَى يَرْفَعُ الْخِلَافَ، فَلَا يَجُوزُ لِمُخَالِفٍ فِيهَا نَقْضُهَا، فَإِذَا حَكَمَ بِفَسْخِ عَقْدٍ أَوْ صِحَّتِهِ لِكَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ لِقَاضٍ غَيْرِهِ وَلَا لَهُ نَقْضُهُ، وَهَذَا فِي الْخِلَافِ الْمُعْتَبَرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ (3) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ تَبَيَّنَ لَهُ بِقِيَاسٍ
(1) بدائع الصنائع 7 / 14، وتبيين الحقائق على الكنز 4 / 188، وروضة القضاة 1 / 323، وفتح القدير 5 / 487، 490، وأدب القاضي للخصاف بشرح ابن مازه 1 / 224، والعقود الدرية لابن عابدين 1 / 298.
(2)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 117 ط الفكر بدمشق.
(3)
الدسوقي 4 / 155، 156.
خَفِيٍّ رَآهُ أَرْجَحَ مِمَّا حَكَمَ بِهِ وَأَنَّهُ الصَّوَابُ فَلَا يَنْقُضُ حُكْمَهُ، بَل يُمْضِيهِ وَيَحْكُمُ فِيمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا رَآهُ ثَانِيًا (1) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اخْتُلِفَ فِي نَقْضِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ:
الأَْحْكَامُ الَّتِي يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِيهَا بَيْنَ الْقَوْل بِنَقْضِهَا وَالْقَوْل بِعَدَمِ النَّقْضِ مُتَعَدِّدَةٌ، وَيَتَعَذَّرُ حَصْرُهَا، وَأَهَمُّهَا:
أ - الْحُكْمُ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ:
16 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: الْحُكْمُ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ: هُوَ مَا يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهِ بَعْدَ وُجُودِ الْحُكْمِ، فَقِيل: يَنْفُذُ، وَقِيل: يَتَوَقَّفُ عَلَى إِمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ (2) فَيَجُوزُ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَنْقُضَ قَضَاءَ الأَْوَّل إِذَا مَال اجْتِهَادُهُ إِلَى خِلَافِ اجْتِهَادِ الأَْوَّل، لأَِنَّ قَضَاءَهُ لَمْ يُجَزْ بِقَوْل الْكُل، بَل بِقَوْل الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، فَلَمْ يَكُنْ جَوَازُهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَكَانَ مُحْتَمِلاً لِلنَّقْضِ بِمِثْلِهِ، فَلَوْ أَبْطَلَهُ الثَّانِي بَطَل، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يُجِيزَهُ كَمَا لَوْ قَضَى لِوَلَدِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ لاِمْرَأَتِهِ، لأََنَّ نَفْسَ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
أَمَّا إِذَا أَمْضَاهُ الْقَاضِي الثَّانِي فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ حَكَمَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ، فَلَيْسَ لِلثَّالِثِ
(1) روضة الطالبين 11 / 151.
(2)
ابن عابدين 5 / 394.