الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشُّرُوطُ الْوَاجِبُ تَوَافُرُهَا فِي الشَّاهِدَيْنِ:
117 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ تَوَفُّرُ شُرُوطٍ فِي شَاهِدَيِ النِّكَاحِ، إِلَاّ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى بَعْضِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِهَا الآْخَرِ، تَفْصِيلُهَا عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أ - الإِْسْلَامُ:
118 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَاهِدَيِ النِّكَاحِ الإِْسْلَامُ، وَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى نِكَاحِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَةَ بِاتِّفَاقٍ بَيْنَهُمْ، فَلَا يَنْعَقِدُ هَذَا النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْوِلَايَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1) } ، وَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا نِكَاحَ إِلَاّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ "(2) .
وَأَمَّا الْمُسْلِمُ إِذَا نَكَحَ ذِمِّيَّةً فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إِسْلَامُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ، لأَِنَّ شَهَادَةَ الذِّمِّيَّيْنِ عَلَى الزَّوْجَةِ الذِّمِّيَّةِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَهُمْ، وَفِي الاِحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ:" لَا نِكَاحَ إِلَاّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ " قَال مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ: الْمُرَادُ مِنْهُ عَدَالَةُ الدِّينِ لَا عَدَالَةُ
(1) سورة النساء / 141.
(2)
حديث: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ". سبق تخريجه (ف 116) .
التَّعَاطِي، لإِِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّ فِسْقَ التَّعَاطِي لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ النِّكَاحِ، وَلأَِنَّ الإِْشْهَادَ شَرْطُ جَوَازِ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدَ يَتَعَلَّقُ وُجُودُهُ بِالطَّرَفَيْنِ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَمْ يُوجَدِ الإِْشْهَادُ عَلَى الطَّرَفَيْنِ لأَِنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْكَافِرِ وَلَيْسَتْ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، فَكَانَتْ شَهَادَتُهُ فِي حَقِّهِ مُلْحَقَةً بِالْعَدَمِ، فَلَمْ يُوجَدِ الإِْشْهَادُ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ، فَصَارَ كَأَنَّهُمَا سَمِعَا كَلَامَ الْمَرْأَةِ دُونَ كَلَامِ الرَّجُل، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنِ النِّكَاحُ، كَذَا هَذَا.
وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فَقَالَا: إِذَا تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيَّةً بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَا مُوَافِقَيْنِ لَهَا فِي الْمِلَّةِ أَوْ مُخَالِفَيْنِ، لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلأَِنَّ لِلْكَافِرِ وِلَايَةً عَلَى الْكَافِرِ (1) .
ب - التَّكْلِيفُ:
119 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَاهِدَيِ النِّكَاحِ التَّكْلِيفُ، أَيْ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَاقِلاً بَالِغًا، فَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ مَجْنُونٍ بِالإِْجْمَاعِ، وَلَا شَهَادَةُ صَبِيٍّ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ (2) } ، وَلأَِنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ
(1) بدائع الصنائع 2 / 253 - 254، ومغني المحتاج 3 / 144، ومطالب أولي النهى 5 / 81 والدسوقي 4 / 165.
(2)
سورة البقرة / 282.