الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: لَا تُنْكَحُ إِلَاّ بِإِذْنِهَا " (1) ، وَالصَّغِيرَةُ لَا إِذْنَ لَهَا بِحَالٍ، وَلَيْسَ لِسَائِرِ الأَْوْلِيَاءِ وَلَا لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُهَا، وَلِسَائِرِ الأَْوْلِيَاءِ تَزْوِيجُ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ بِإِذْنِهَا، وَلَهَا إِذْنٌ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ نَصًّا، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: إِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ (2)، وَمَعْنَاهُ: فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ، وَلأَِنَّهَا تَصْلُحُ بِذَلِكَ لِلنِّكَاحِ وَتَحْتَاجُ إِلَيْهِ، أَشْبَهَتِ الْبَالِغَةَ (3) .
وَقَالُوا: حُكْمُ تَزْوِيجِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ بِالْوَصِيَّةِ حُكْمُ تَزْوِيجِ الأُْنْثَى بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ (4) ، فَلِوَصِيِّ الأَْبِ أَنْ يُزَوِّجَ الْغُلَامَ قَبْل بُلُوغِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْغُلَامُ عَاقِلاً أَوْ مَجْنُونًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ مُسْتَدَامًا أَوْ طَارِئًا (5) .
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (يَتِيم) .
نِكَاحُ الرَّقِيقِ:
113 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّقِيقِ
(1) حديث: " أن قدامة بن مظعون رضي الله عنه زوج ابنة أخيه. . . ". أخرجه الدارقطني في السنن (3 / 230 - ط دار المحاسن) .
(2)
حديث: " حديث إذا بلغت الجارية تسع. . .) . سبق تخريجه (ت 90)
(3)
كشاف القناع 5 / 46.
(4)
الإنصاف 8 / 87.
(5)
المغني 6 / 449.
- ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى - أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، لأَِنَّ فِي هَذَا صَوْنًا لِلرَّقِيقِ عَنِ الزِّنَا، وَحِفْظًا لِمَال السَّيِّدِ مِنَ النَّقْصِ أَوِ التَّلَفِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنْكِحُوا الأَْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ (1) } قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلَا يَجِبُ إِلَاّ عِنْدَ الطَّلَبِ، وَالأَْصْل أَنَّ وِلَايَةَ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ لِمَالِكِهِ.
وَتَفْصِيل نِكَاحِ الرَّقِيقِ، وَإِعْفَافِهِ، وَوِلَايَةِ إِنْكَاحِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (رق ف 25، 48، 73 - 99) .
إِنْكَاحُ الْفُضُولِيِّ:
114 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِنْكَاحِ الْفُضُولِيِّ فَمِنْهُمْ مَنْ أَبْطَلَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مَوْقُوفًا.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (فُضُولِيّ ف 8) .
نِكَاحُ السَّفِيهِ:
115 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ إِذْنِ الْوَلِيِّ لِصِحَّةِ نِكَاحِهِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (سَفِهَ ف 22) .
ثَالِثًا: الإِْشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ:
116 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَوْنِ الإِْشْهَادِ عَلَى النِّكَاحِ: رُكْنًا أَوْ شَرْطًا أَوْ وَاجِبًا، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
(1) سورة النور / 32
فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ -: لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إِلَاّ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ لِخَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا " لَا نِكَاحَ إِلَاّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ "(1) ، وَالْمَعْنَى فِي اعْتِبَارِهِمَا الاِحْتِيَاطُ لِلأَْبْضَاعِ، وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَهُوَ الْوَلَدُ، فَاشْتُرِطَتِ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِئَلَاّ يَجْحَدَهُ أَبُوهُ فَيَضِيعَ نَسَبُهُ، وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إِلَى دَفْعِ تُهْمَةِ الزِّنَا عَنِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ النِّكَاحِ وَالدُّخُول، وَلَا تَنْدَفِعُ إِلَاّ بِالشُّهُودِ لِظُهُورِ النِّكَاحِ وَاشْتِهَارِهِ بِقَوْل الشُّهُودِ.
غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ يَرَوْنَهُ شَرْطًا، وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ رُكْنٌ (2) وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ، وَذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي الْمُقْنِعِ وَجَمَاعَةٌ.
(1) حديث: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ". أخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان 9 / 386 ط مؤسسة الرسالة) ، والبيهقي في السنن الكبرى (7 / 124ط دار المعارف العثمانية) .
(2)
بدائع الصنائع 2 / 253، ومغني المحتاج 3 / 144، ومطالب أولي النهى 5 / 81.
وَقَيَّدَ الْمَجْدُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الأَْصْحَابِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكْتُمُوهُ فَمَعَ الْكَتْمِ تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إِجْمَاعًا (1) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الإِْشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ وَاجِبٌ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ عَقْدِ النِّكَاحِ لأَِنَّ مَاهِيَّةَ الْعَقْدِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ، بَل هُوَ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ، مَخَافَةَ أَنَّ كُل اثْنَيْنِ - رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ - اجْتَمَعَا فِي خَلْوَةٍ عَلَى فَسَادٍ يَدَّعِيَانِ سَبْقَ عَقْدٍ بِلَا إِشْهَادٍ فَيُؤَدِّي إِلَى رَفْعِ حَدِّ الزِّنَا.
وَأَصْل الإِْشْهَادِ عَلَى النِّكَاحِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَاجِبٌ، وَكَوْنُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ زِيَادَةً عَلَى الْوَاجِبِ، فَإِنْ حَصَل الإِْشْهَادُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ حَصَل الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ، وَإِنْ فُقِدَ عِنْدَ الْعَقْدِ وَوُجِدَ عِنْدَ الدُّخُول فَقَدْ حَصَل الْوَاجِبُ وَفَاتَ الْمَنْدُوبُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُل عِنْدَ الْعَقْدِ كَانَ وَاجِبًا عِنْدَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شُهُودٌ أَصْلاً وَحَصَل الدُّخُول بِلَا إِشْهَادٍ عَلَى النِّكَاحِ فُسِخَ الْعَقْدُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ بِدُونِ الإِْشْهَادِ عَلَيْهِ، وَكَانَ بِبَائِنَةٍ لأَِنَّهُ فَسْخٌ جَبْرِيٌّ مِنَ الْحَاكِمِ (2) .
(1) الإنصاف 8 / 102، والمغني 6 / 451.
(2)
الشرح الصغير والصاوي 2 / 339، والشرح الكبير والدسوقي 2 / 216، 220.