الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا أَنْفِيهِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَيُؤْذِيَهُمْ (1) ، وَلِمَا وَرَدَ أَنْ عُمَرَ رضي الله عنه غَرَّبَ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ فِي الْخَمْرِ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَحِقَ بِهِرَقْل، فَتَنَصَّرَ، فَقَال عُمَرُ رضي الله عنه: لَا أُغَرِّبُ بَعْدَهُ مُسْلِمًا (2) .
ج - النَّفْيُ: هُوَ الإِْبْعَادُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ مَعَ الْحَبْسِ فِيهِ، وَهُوَ قَوْل الإِْمَامِ مَالِكٍ، وَابْنِ سُرَيْجٍ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ وَقَدَّمَهُ (3) .
فَإِذَا أُضِيفَ النَّفْيُ إِلَى النَّسَبِ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ إِنْكَارَ نَسَبِ الْمَوْلُودِ إِلَى وَالِدِهِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّعْزِيرُ:
2 -
مِنْ مَعَانِي التَّعْزِيرِ فِي اللُّغَةِ: التَّأْدِيبُ (4) .
(1) أثر: " أن عمر رضي الله عنه. . . ". أورده القرطبي في الجامع 6 / 153 عن مكحول عنه، ولم نهتد لمن أخرجه من المصادر الحديثية.
(2)
أثر: " أن عمر رضي الله عنه غرب ربيعة بن أمية ". أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7 / 314 ط المكتب الإسلامي) ، والنسائي (8 / 219 ط التجارية الكبرى) .
(3)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 249، 322، والمغني لابن قدامة 12 / 482، وتفسير الطبري 6 / 218، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 598.
(4)
المصباح المنير والقاموس المحيط.
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: التَّعْزِيرُ عُقُوبَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ شَرْعًا، تَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لآِدَمِيٍّ فِي كُل مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ وَلَا كَفَّارَةٌ غَالِبًا (1) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ التَّعْزِيرِ وَالنَّفْيِ أَنَّ التَّعْزِيرَ أَعَمُّ مِنَ النَّفْيِ.
مَشْرُوعِيَّةُ النَّفْيِ:
3 -
ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ النَّفْيِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ.
فَفِي الْكِتَابِ قَال تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَْرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (2) } .
كَمَا وَرَدَتْ بَعْضُ الآْيَاتِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْحَبْسِ، وَفَسَّرَ الْعُلَمَاءُ الْحَبْسَ بِالنَّفْيِ (انْظُرْ: مُصْطَلَح حَبَس ف 7) .
(1) المبسوط 9 / 36، وحاشية ابن عابدين 4 / 59، وفتح القدير 4 / 211، والمهذب للشيرازي 2 / 289، مطبعة مصطفى الحلبي - القاهرة، وتبصرة الحكام 2 / 293، وغياث الأمم في التياث الظلم للجويني ص 162 طبع دار الدعوة بالإسكندرية، والمحرر في الفقه 2 / 163، والفروع لابن مفلح 6 / 104 ط دار مصر للطباعة.
(2)
سورة المائدة / 33.
وَفِي السُّنَّةِ وَرَدَتْ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ النَّفْيِ، مِنْهَا حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَل اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ (1) .
وَمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَال أَحَدُهُمَا: إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْل الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ جَل ذِكْرُهُ: الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَاغَدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا "، فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا (2) .
(1) حديث عبادة بن الصامت: " خذوا عني خذوا عني. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1316 ط عيسى الحلبي) .
(2)
حديث: " أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 137 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1324 - 1325 ط عيسى الحلبي) واللفظ للبخاري.
وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ (1) .
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْجَلْدِ وَالنَّفْيِ لِلْحُرِّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ، وَانْتَشَرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالإِْجْمَاعِ، قَال التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَأُبَيٌّ بْنُ كَعْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَغَيْرُهُمْ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ (2) .
وَنَفَى عُمَرُ رضي الله عنه نَصْرَ بْنَ الْحَجَّاجِ لاِفْتِتَانِ النِّسَاءِ بِهِ، وَكَانَ عَلَى مَرْأًى مِنَ الصَّحَابَةِ، وَذَلِكَ لَيْسَ عُقُوبَةً لَهُ، لأَِنَّ الْجَمَال لَا يُوجِبُ النَّفْيَ، وَلَكِنْ فَعَل ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا، كَمَا عَاقَبَ عُمَرُ رضي الله عنه صَبِيغًا لِسُؤَالِهِ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَأَوَائِل السُّوَرِ وَأَسْمَائِهَا (3) .
(1) حديث ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب، وأن أبا بكر. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 44 ط الحلبي) وقال: حديث ابن عمر حديث غريب. ونقل ابن حجر في التلخيص (4 / 171 ط العلمية) عن ابن القطان أنه صححه، وعن الدارقطني ترجيح وقفه.
(2)
جامع الترمذي 4 / 45 ط الحلبي.
(3)
المبسوط للسرخسي 9 / 45، ومغني المحتاج 4 / 147، وكشاف القناع 6 / 92، ونهاية المحتاج 7 / 147، والمغني 12 / 324، والفروع لابن مفلح 6 / 69 مع تصحيح الفروع طبعة ثانية، وأقضية النبي صلى الله عليه وسلم 4 - 5 طبع قطر.