الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدَّرَاهِمِ إِلَاّ فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ؛ لأَِنَّ النَّاسَ إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ رَكِبُوا الْعَظَائِمَ. قَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: فَقَدْ مُنِعَ مِنَ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ (1) .
وَانْظُرْ (دَرَاهِم ف 7، وَسِكَّة ف 4) .
17 -
وَيَنْبَغِي لِلإِْمَامِ ضَرْبُ الْفُلُوسِ لِيَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنْ إِنْفَاقِهَا فِي الْحَاجَاتِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي هِيَ أَقَل مِنْ قِيمَةِ الدِّرْهَمِ، وَالْعَادَةُ أَنْ تُضْرَبَ مِنَ النُّحَاسِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمَعَادِنِ الَّتِي تَحْتَمِل كَثْرَةَ الاِسْتِعْمَال، قَال ابْنُ تَيْمِيَةَ: يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَضْرِبَ لِلرَّعَايَا فُلُوسًا تَكُونُ بِقِيمَةِ الْعَدْل فِي مُعَامَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ لَهُمْ تَسْهِيلاً عَلَيْهِمْ وَتَيْسِيرًا لِمُعَامَلَاتِهِمْ.
وَمَقْصُودُهُ بِقِيمَةِ الْعَدْل أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا بِقَدْرِ مَا فِيهَا مِنَ النُّحَاسِ لِتَكُونَ قِيمَتُهَا ذَاتِيَّةً.
وَذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَةَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يُحَرِّمَ عَلَى النَّاسِ الْفُلُوسَ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ وَيَضْرِبَ لَهُمْ غَيْرَهَا، لأَِنَّهُ إِذَا فَعَل ذَلِكَ أَفْسَدَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الأَْمْوَال بِنَقْصِ أَسْعَارِهَا، وَلِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ إِلَاّ مِنْ بَأْسٍ "(2) .
(1) الفروع 2 / 457، وكشاف القناع 2 / 232، ونهاية المحتاج وحاشية الرشيدي 3 / 87، ومقدمة ابن خلدون ص 261.
(2)
حديث: " نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس ". أخرجه أبو داود (3 / 730 ط حمص) وابن ماجه (2 / 761 ط عيسى الحلبي) وأعله المنذري في مختصر السنن (5 / 91 - نشر دار المعرفة) بأن أحد رواته لا يحتج بحديثه
وَالْبَأْسُ - كَمَا قَال الْبُهُوتِيُّ - نَحْوُ أَنْ يُشْتَبَهَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ فَيَكْسِرَهُ (1) .
ب - أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى سَكِّ النُّقُودِ:
18 -
يَجُوزُ لِلإِْمَامِ دَفْعُ الأُْجْرَةِ عَلَى سَكِّ النُّقُودِ، وَقَدْ نَقَل الْبُهُوتِيُّ عَنِ ابْنِ تَيْمِيَةَ أَنَّ عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ ضَرْبِ الْفُلُوسِ مِنْ بَيْتِ الْمَال.
وَلَوْ ضَرَبَ النُّقُودَ الذَّهَبِيَّةَ أَوِ الْفِضِّيَّةَ، وَالذَّهَبُ أَوِ الْفِضَّةُ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَعْطَى الصُّنَّاعَ أَجْرَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَال فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَقَدْ جَاءَ وَقْتٌ كَانَ بِإِمْكَانِ مَالِكِ النُّقْرَةِ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إِلَى دَارِ الضَّرْبِ، لِتُضْرَبَ لَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَيُعْطِي مَالِكُهَا أُجْرَةَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ، وَهَذَا جَائِزٌ شَرْعًا إِنْ رُدَّتْ لَهُ دَرَاهِمُهُ أَوْ دَنَانِيرُهُ مِنْ نُقْرَتِهِ بِعَيْنِهَا، أَمَّا إِنْ جَرَى تَبَادُلٌ، بِأَنْ أَخَذَ غَيْرَ مَا أَعْطَى، فَقَدْ نَبَّهَ الْغَزَالِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الاِحْتِرَازُ لأَِنَّهُ يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْل، وَرُبَّمَا دَخَلَهُ رِبَا النَّسَاءِ، قَال: وَذَلِكَ حَرَامٌ (2) .
(1) كشاف القناع 2 / 232.
(2)
إحياء علوم الدين 4 / 768 ط دار الشعب.