الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَهْل الشَّهَادَةِ، وَلأَِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَهِيَ نَفَاذُ الْمَشِيئَةِ لأَِنَّهَا تَنْفِيذُ الْقَوْل عَلَى الْغَيْرِ، وَكُلٌّ مِنَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ تَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى غَيْرِهِ (1) .
ج - الْعَدَالَةُ:
120 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي شَاهِدَيِ النِّكَاحِ.
فَيَشْتَرِطُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي شَاهِدَيِ النِّكَاحِ الْعَدَالَةَ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا نِكَاحَ إِلَاّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ (2) فَلَا يَنْعَقِدُ بِفَاسِقَيْنِ، لأَِنَّهُ لَا يُثْبَتُ بِهِمَا.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِمَا الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ، فَيَنْعَقِدُ بِمَسْتُورَيِ الْعَدَالَةِ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، بِأَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُمَا بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ، وَلأَِنَّ النِّكَاحَ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ، فَلَوِ اعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لَاحْتَاجُوا إِلَى
(1) بدائع الصنائع 2 / 253، وروضة الطالبين 7 / 45، ومغني المحتاج 4 / 427، ومطالب أولي النهى 5 / 81، والدسوقي 4 / 465.
(2)
حديث: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ". سبق تخريجه (ف 116) .
مَعْرِفَتِهَا لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُول الأَْمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَشُقَّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ مُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ بِالْمَسْتُورَيْنِ بَل لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ.
وَيَبْطُل السَّتْرُ بِتَفْسِيقِ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ، فَلَوْ أَخْبَرَ بِفِسْقِ الْمَسْتُورِ عَدْلٌ لَمْ يَصِحَّ بِهِ النِّكَاحُ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلإِْمَامِ.
وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ مَسْتُورِ الْعَدَالَةِ وَمَسْتُورِ الإِْسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ - وَالْعَدَالَةُ وَالإِْسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ مِمَّا يَشْتَرِطُونَهُ فِي شَاهِدَيِ النِّكَاحِ - فَقَالُوا: يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ مَسْتُورَيِ الْعَدَالَةِ لَا بِمَسْتُورَيِ الإِْسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ، بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ إِسْلَامُ الشَّاهِدِ وَلَا حُرِّيَّتُهُ، كَأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهَا مُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ، وَالأَْحْرَارُ بِالأَْرِقَّاءِ، وَلَا غَالِبَ، أَوْ يَكُونَ ظَاهِرُهُ الإِْسْلَامَ وَالْحُرِّيَّةَ بِالدَّارِ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهِ، بَل لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَال الشَّاهِدِ بِالإِْسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بَاطِنًا، لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ عَدَالَةَ الشَّاهِدَيْنِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، فَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحُضُورِ الْفَاسِقَيْنِ، لأَِنَّ عُمُومَاتِ النِّكَاحِ مُطْلَقَةٌ عَنْ شَرْطٍ، وَاشْتِرَاطُ أَصْل الشَّهَادَةِ بِصِفَاتِهَا الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا ثَبَتَ بِالدَّلِيل، فَمَنِ