الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السُّفْتَجَةُ:
45 -
السُّفْتَجَةُ طَرِيقَةٌ تُتَّبَعُ فِي نَقْل النُّقُودِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى آخَرَ، تُتَفَادَى بِهَا أَخْطَارُ النَّقْل مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ نَهْبٍ أَوْ فِقْدَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَصُورَتُهَا: أَنْ يُعْطِيَ النُّقُودَ الَّتِي يُرِيدُ نَقْلَهَا تَاجِرًا فِي الْبَلَدِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَيُعْطِيَهُ التَّاجِرُ كِتَابًا إِلَى وَكِيلِهِ فِي الْبَلَدِ الآْخَرِ لِيُعْطِيَهُ مِثْلَهَا.
وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قَرْضًا أَوْ حَوَالَةً.
وَقَدْ مَنَعَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ؛ لِكَوْنِهَا قَرْضًا يَجُرُّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ، وَهِيَ مَنْفَعَةُ الأَْمْنِ مِنْ أَخْطَارِ الطَّرِيقِ. وَأَجَازَهَا آخَرُونَ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمَصَالِحِ الْكَبِيرَةِ لِلنَّاسِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَقَعُ عَلَى أَحَدِ الْمُتَعَامِلِينَ بِهَا (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِيهِ فِي مُصْطَلَحِ (سُفْتَجَة ف 3) .
سَادِسًا: التَّغَيُّرَاتُ الَّتِي تَعْتَرِي النُّقُودَ مِنْ حَيْثُ قِيمَتُهَا:
46 -
إِنَّ النُّقُودَ الذَّهَبِيَّةَ وَالْفِضِّيَّةَ تَتَمَيَّزُ بِأَنَّهَا ثَابِتَةُ الْقِيمَةِ عَلَى الزَّمَنِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهِيَ عُرْضَةٌ لِتَبَدُّل قِيمَتِهَا، إِلَاّ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الْعَادَةِ بِنِسْبَةٍ ضَئِيلَةٍ جِدًّا.
(1) رد المحتار على الدر المختار 4 / 174، 295، وجواهر الإكليل 2 / 76، ونهاية المحتاج 4 / 225، والمغني 4 / 320.
وَأَمَّا الْفُلُوسُ فَتَعْتَرِيهَا تَغَيُّرَاتٌ فِي قِيمَتِهَا، قَدْ تَكُونُ شَدِيدَةً، مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى قِيمَةِ مُدَّخَرَاتِ الدَّوْلَةِ، وَمُدَّخَرَاتِ الرَّعِيَّةِ مِنْهَا، وَعَلَى قِيمَةِ الدُّيُونِ.
وَمِنْ تِلْكَ التَّغَيُّرَاتِ مَا يَلِي:
أ - الْغَلَاءُ، وَسَبَبُهُ إِمَّا كَثْرَةُ الإِْقْبَال عَلَى تَدَاوُلِهَا، وَالتَّوَسُّعُ فِي اسْتِعْمَالِهَا فِي الْمُبَايَعَاتِ وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ، وَكَثْرَةُ ادِّخَارِهَا، هَذَا مِنْ جِهَةٍ، وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى قِلَّةُ الْمُتَوَافِرِ مِنَ الْمَعْدِنِ الَّذِي تُضْرَبُ مِنْهُ، أَوْ عَدَمُ قِيَامِ الدَّوْلَةِ بِضَرْبِ مَا يَكُونُ كَافِيًا لِيَسَعَ حَاجَةَ النَّاسِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمَقْرِيزِيُّ أَنَّ الْفُلُوسَ فِي عَهْدِهِ رَاجَتْ رَوَاجًا عَظِيمًا حَتَّى نُسِبَتْ إِلَيْهَا سَائِرُ الْمَبِيعَاتِ، وَصَارَ يُقَال: كُل دِينَارٍ بِكَذَا مِنَ الْفُلُوسِ.
ب - الرُّخْصُ، بِسَبَبِ قِلَّةِ الطَّلَبِ عَلَيْهَا، أَوْ قِلَّةِ الإِْقْبَال عَلَى ادِّخَارِهَا، أَوْ تَوَافُرِ الْمَعْدِنِ الَّذِي تُصْنَعُ مِنْهُ بِكَثْرَةٍ، أَوْ كَثْرَةِ مَا يُصْنَعُ مِنْهَا وَيَدْخُل السُّوقَ. وَمَعْنَى رُخْصِهَا انْخِفَاضُ قُوَّتِهَا الشِّرَائِيَّةِ، بِحَيْثُ يَكُونُ مَا يُشْتَرَى بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا أَقَل مِمَّا كَانَ يُشْتَرَى بِهِ سَابِقًا. وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِمُقَارَنَةِ أَسْعَارِهَا بَيْنَ فَتْرَتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ.
ج - وَقَدْ يَعْتَرِيهَا الْكَسَادُ: قَال ابْنُ عَابِدِينَ: هُوَ أَنْ تُتْرَكَ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ. وَضِدُّ الْكَسَادِ الرَّوَاجُ وَالنَّفَاقُ.