الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُجَرَّدًا عَنِ الْقَرَائِنِ - أَيْ مُحْتَمِلاً لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ بِلَا مُرَجِّحٍ خَارِجٍ - يُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ؛ لأَِنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ، فَتَتَرَجَّحُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهَا، كَمَا فِي قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ (1) } بِخِلَافِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ (2) } ، لإِِسْنَادِهِ إِلَيْهَا، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ إِلَاّ مَجَازًا (3) .
الرَّأْيُ الثَّانِي:
أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ لَفْظَ النِّكَاحِ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إِلَى الْعَقْدِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ دَلِيلٌ لأَِنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي الْقُرْآنِ وَالأَْخْبَارِ، وَلأَِنَّ النِّكَاحَ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ اللَّذَيْنِ يَنْعَقِدُ بِهِمَا عَقْدُ النِّكَاحِ، فَكَانَ حَقِيقَةً فِيهِ كَاللَّفْظِ الآْخَرِ، وَقَدْ قِيل: لَيْسَ فِي الْكِتَابِ لَفْظُ النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ إِلَاّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} لِخَبَرِ: حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ (4) ، وَلِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنِ
(1) سورة النساء / 22
(2)
سورة البقرة / 230
(3)
الدر المختار ورد المحتار 2 / 260، ومغني المحتاج 3 / 123، والإنصاف 8 / 4 - 5.
(4)
حديث: " حتى تذوقي عسيلته ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 464 ط السلفية) من حديث عائشة رضي الله عنهَا
الْوَطْءِ، وَلأَِنَّهُ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ وَلَا يَتَبَادَرُ الذِّهْنُ إِلَاّ إِلَيْهِ فَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْعُرْفُ (1) .
الرَّأْيُ الثَّالِثُ:
أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي كُلٍّ مِنَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ، وَهُوَ رَأْيٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ فِيهِمَا أَوْ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ فِيهِمَا.
وَقَال بَهْرَامُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: وَيُسْتَعْمَل لَفْظُ النِّكَاحِ - فِي الشَّرْعِ - فِي الْوَجْهَيْنِ، لَكِنْ عَلَى سَبِيل الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ: إِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا بِالاِشْتِرَاكِ كَالْعَيْنِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ: هُوَ مُشْتَرَكٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ، قَال الْمَرْدَاوِيُّ: وَعَلَيْهِ الأَْكْثَرُ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا مَعًا، فَلَا يُقَال: هُوَ حَقِيقَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ، بَل عَلَى مَجْمُوعِهِمَا، فَهُوَ مِنَ الأَْلْفَاظِ الْمُتَوَاطِئَةِ، قَال ابْنُ رَزِينٍ: هُوَ الأَْشْبَهُ، قَال الْمَرْدَاوِيُّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الاِشْتِرَاكِ وَالتَّوَاطُؤِ: أَنَّ الاِشْتِرَاكَ
(1) شرح الخرشي 3 / 165، والفواكه الدواني 2 / 21، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 3 / 403 ط دار الفكر - بيروت، والدر المختار ورد المحتار 2 / 260، ومغني المحتاج قيم 3 / 123، والإنصاف 8 / 4، 5، وكشاف القنَاع 5 / 5، 6، والمغني 6 / 445.