الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنْكَاحُ الْيَتِيمِ:
112 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِنْكَاحِ الْيَتِيمِ - وَهُوَ الصَّغِيرُ أَوِ الصَّغِيرَةُ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ - فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا، وَأَجَازَهُ غَيْرُهُمْ بِالْقَرَابَةِ أَوِ بِالسَّبَبِ الْعَامِّ لِلْوِلَايَةِ، وَقَيَّدَ آخَرُونَ الإِْجَازَةَ بِخِيفَةِ الْفَسَادِ، فِي حِينِ قَيَّدَهَا غَيْرُهُمْ بِبُلُوغِ تِسْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَصِيٌّ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَ - وَهُوَ يَشْمَل الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ - سَوَاءٌ أَوْصَى إِلَيْهِ الأَْبُ بِالنِّكَاحِ أَوْ لَمْ يُوصِ عَلَى الْمَذْهَبِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ، نَعَمْ لَوْ كَانَ قَرِيبًا أَوْ حَاكِمًا فَإِنَّهُ يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِالْوِلَايَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَوْلَى مِنْهُ (1) .
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - كَمَا نَقَل الدُّسُوقِيُّ عَنِ الْعَدَوِيِّ - وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خِيفَةِ الْفَسَادِ عَلَى الْيَتِيمَةِ، فَمَتَى خِيفَ عَلَيْهَا فَسَادُ حَالِهَا بِفَقْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ عَدَمِ حَاضِنٍ شَرْعِيٍّ أَوْ ضَيَاعِ مَالٍ أَوْ دِينٍ زُوِّجَتْ، بَلَغَتْ عَشْرًا أَوْ لَا، رَضِيَتْ بِالنِّكَاحِ أَوْ لَا، فَيُجْبِرُهَا وَلِيُّهَا عَلَى النِّكَاحِ، وَوَجَبَ مُشَاوَرَةُ الْقَاضِي فِي تَزْوِيجِهَا.
وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادُ وَزُوِّجَتْ صَحَّ إِنْ دَخَل بِهَا الزَّوْجُ وَطَال أَمَدُ النِّكَاحِ، بِأَنْ
(1) الدر المختار ورد المحتار 2 / 314.
وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنَيْنِ أَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ تَلِدُ فِيهَا ذَلِكَ.
وَإِنْ خِيفَ فَسَادُهَا وَزُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةِ الْقَاضِي صَحَّ النِّكَاحُ إِنْ دُخِل بِهَا وَإِنْ لَمْ يَطُل.
وَقَالُوا: وَجَبْرُ وَصِيٍّ صَغِيرًا لِمَصْلَحَةٍ اقْتَضَتْ تَزْوِيجَهُ كَتَزْوِيجِهِ مِنْ غَنِيَّةٍ أَوْ شَرِيفَةٍ أَوِ ابْنَةِ عَمٍّ أَوْ لِمَنْ تَحْفَظُ مَالَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةٌ فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ وَنَحْوِهِمَا لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ عِنْدَ عَدَمِ الأَْبِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً، لأَِنَّهَا إِنَّمَا تُزَوَّجُ بِالإِْذْنِ وَإِذْنُهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
وَكَذَا الصَّغِيرُ فَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ مِنْ حَاشِيَةِ النَّسَبِ أَوِ الْوَصِيِّ أَوِ الْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَانْتِفَاءِ كَمَال الشَّفَقَةِ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَيْسَ لِمَنْ عَدَا الأَْبِ وَوَصِيِّهِ الَّذِي نَصَّ لَهُ عَلَى الإِْنْكَاحِ تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ لَهَا دُونَ تِسْعِ سِنِينَ، لِمَا رُوِيَ " أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ رضي الله عنه زَوَّجَ ابْنَةَ أَخِيهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه فَرَفَعَ ذَلِكَ
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 224، والشرح الصغير 396.
(2)
مغني المحتاج 3 / 150، وروضة الطالبين 7 / 55، 95.