الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّطَوُّعِ، وَيُحْتَمَل مَا نَقَصَهُ مِنَ الْخُشُوعِ، وَالأَْوَّل عِنْدِي أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ - ثُمَّ الزَّكَاةُ مِثْل ذَلِكَ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَْعْمَال عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ (1) ، وَلَيْسَ فِي الزَّكَاةِ إِلَاّ فَرْضٌ أَوْ فَضْلٌ فَكَمَا يَكْمُل فَرْضُ الزَّكَاةِ بِفَضْلِهَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَفَضْل اللَّهِ أَوْسَعُ وَوَعْدُهُ أَنْفَذُ وَعَزْمُهُ أَعَمُّ (2) .
الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْل:
4 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْفَرْضَ أَفْضَل مِنَ النَّفْل (3)، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِيهِ عَنْ رَبِّهِ: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ (4) . وَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: قَال الأَْئِمَّةُ: خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِإِيجَابِ أَشْيَاءَ لِتَعْظِيمِ ثَوَابِهِ، فَإِنَّ ثَوَابَ الْفَرَائِضِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ الْمَنْدُوبَاتِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةٍ (5) .
(1) حديث: " ثم الزكاة مثل ذلك ". أخرجه أبو داود (1 / 541 ط حمص) من حديث تميم الداري.
(2)
تحفة الأحوذي شرح الترمذي 2 / 462 - 464.
(3)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 157 ط دار الكتب العلمية، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 145، والفروق للقرافي 2 / 122.
(4)
حديث: " وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي. . . ". تقدم تخريجه ف (4) .
(5)
الأشباه للسيوطي ص 145.
وَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَفْضَل الأَْعْمَال أَدَاءُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ، وَالْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ، وَصِدْقُ النِّيَّةِ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عز وجل، وَقَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خُطْبَتِهِ: أَفْضَل الْعِبَادَةِ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ (1) .
5 -
وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْل أَفْضَلِيَّةِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْل أُمُورًا، وَذَكَرُوا صُوَرًا لِلنَّوَافِل الَّتِي فَضَّلَهَا الشَّرْعُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ (2) مِنْهَا:
أ - إِبْرَاءُ الْمُعْسِرِ فَإِنَّهُ أَفْضَل مِنْ إِنْظَارِهِ، وَإِنْظَارُهُ وَاجِبٌ، وَإِبْرَاؤُهُ مُسْتَحَبٌّ.
هَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ نُجَيمٍ وَابْنُ السُّبْكِيِّ وَالْقَرَافِيُّ (3) .
ب - ابْتِدَاءُ السَّلَامِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، وَالرَّدُّ وَاجِبٌ وَالاِبْتِدَاءُ أَفْضَل (4)، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ (5) .
(1) جامع العلوم والحكم 2 / 336.
(2)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 157، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 145، والفروق للقرافي 2 / 127 - 128.
(3)
المراجع السابقة.
(4)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 157، والأشباه للسيوطي ص 145.
(5)
حديث: " وخيرهما الذي يبدأ. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 492 ط السلفية) ومسلم (4 / 1984 ط عيسى الحلبي) من حديث أبي أيوب الأنصاري.
ج - الْوُضُوءُ قَبْل الْوَقْتِ مَنْدُوبٌ، وَهُوَ أَفْضَل مِنَ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْوَقْتِ وَهُوَ الْفَرْضُ.
وَذَكَرَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ (1) .
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الأَْذَانَ سُنَّةٌ، وَهُوَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَفْضَل مِنَ الإِْمَامَةِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ (2) .
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ الصُّوَرَ الآْتِيَةَ:
أ - صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُل صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً، أَيْ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ مَثُوبَةً مِثْل مَثُوبَةِ صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ، وَهَذِهِ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ مَثُوبَةً هِيَ مُضَافَةٌ لِوَصْفِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ خَاصَّةً، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ حَصَلَتْ لَهُ، مَعَ أَنَّ الإِْعَادَةَ فِي جَمَاعَةٍ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَصَارَ وَصْفُ الْجَمَاعَةِ الْمَنْدُوبُ أَكْثَرَ ثَوَابًا مِنْ ثَوَابِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ فَضُل وَاجِبًا، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَصْلَحَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ.
ب - الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ بِأَلْفِ مَثُوبَةٍ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَقَدْ فَضُل الْمَنْدُوبُ
(1) الأشباه لابن نجيم ص 156، والأشباه للسيوطي ص 147.
(2)
الأشباه للسيوطي ص 146.
الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَاجِبَ الَّذِي هُوَ أَصْل الصَّلَاةِ.
ج - الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَل مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَقَدْ فَضُل الْمَنْدُوبُ الْوَاجِبَ الَّذِي هُوَ أَصْل الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ.
د - الصَّلَاةُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ، مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَقَدْ فَضُل الْمَنْدُوبُ الْوَاجِبَ الَّذِي هُوَ أَصْل الصَّلَاةِ.
هـ - رُوِيَ أَنَّ صَلَاةً بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ، مَعَ أَنَّ وَصْفَ السِّوَاكِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَقَدْ فَضُل الْمَنْدُوبُ الْوَاجِبَ الَّذِي هُوَ أَصْل الصَّلَاةِ.
و الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لَا يَأْثَمُ تَارِكُهُ. فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَال: " بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَال: " مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلَاةِ. قَال: فَلَا تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا (1) . وَفِي
(1) حديث أبي قتادة رضي الله عنه: " بينما نحن نصلي. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 116 ط السلفية) .