الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ الْجُنُونِ وُجُودًا وَعَدَمًا، سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا بِأَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا، أَوْ عَارِضًا بِأَنْ طَرَأَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقَال زُفَرُ: إِذَا طَرَأَ لَمْ يَجُزْ لِلْمُوَلَّى التَّزْوِيجُ، وَعَلَى أَصْل الْحَنَفِيَّةِ يَنْبَنِي أَنَّ الأَْبَ وَالْجَدَّ لَا يَمْلِكَانِ إِنْكَاحَ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا عِنْدَهُمْ.
وَقَالُوا: إِنَّ إِثْبَاتَ وِلَايَةِ الإِْنْكَاحِ عَلَى هَؤُلَاءِ، لأَِنَّ النِّكَاحَ يَتَضَمَّنُ الْمَصَالِحَ، وَذَلِكَ يَكُونُ بَيْنَ الْمُتَكَافِئَيْنِ، وَالْكُفْءُ لَا يَتَّفِقُ فِي كُل وَقْتٍ، فَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى إِثْبَاتِ الْوِلَايَةِ عَلَى الصِّغَارِ تَحْصِيلاً لِلْمَصْلَحَةِ، وَالْقَرَابَةُ مُوجِبَةٌ لِلْنَظَرِ وَالشَّفَقَةِ فَيَنْتَظِمُ الْجَمِيعُ، إِلَاّ أَنَّ شَفَقَةَ الأَْبِ وَالْجَدِّ أَكْثَرُ.
وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ لِلصَّغِيرِ أَوِ الصَّغِيرَةِ أَبًا أَوْ جَدًّا، وَلِلْمَجْنُونِ أَوِ الْمَجْنُونَةِ ابْنَهُمَا، وَلِلرَّقِيقِ مَالِكَهُ لَزِمَ النِّكَاحُ، وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، لِوُفُورِ شَفَقَةِ الأَْوْلِيَاءِ، وَشِدَّةِ حِرْصِهِمْ عَلَى نَفْعِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُمْ بَاشَرُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا خَيَّرَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا حِينَ بَلَغَتْ، لَكِنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الأَْوْلِيَاءِ عِنْدَئِذٍ أَنْ لَا يُعْرَفَ مِنْ أَيٍّ مِنْهُمْ سُوءُ الاِخْتِيَارِ مَجَانَةً وَفِسْقًا وَإِلَاّ فَبَطَل النِّكَاحُ.
وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ غَيْرَ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ، فَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ إِنْكَاحُهُ مِنْ كُفْءٍ وَبِلَا غَبْنٍ - إِنْ
شَاءَ أَقَامَ عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لَا خِيَارَ لَهُمْ كَمَا فِي إِنْكَاحِ الأَْبِ وَالْجَدِّ.
وَقَالُوا: يَمْلِكُ السَّيِّدُ إِجْبَارَ الْعَبْدِ وَالأَْمَةِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ عَلَى النِّكَاحِ صِيَانَةً لِمِلْكِهِ وَتَحْصِينًا لَهُ عَنِ الزِّنَا الَّذِي هُوَ سَبَبُ هَلَاكِهِمْ أَوْ نُقْصَانِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْمُوَلَّى أَنْ يُزَوِّجَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُكَاتَبَةَ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا، لِخُرُوجِهِمَا عَنْ يَدِهِ، وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُمَا إِلَاّ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لِلرِّقِّ الثَّابِتِ فِيهِمَا، وَيَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ لأَِنَّهُ مِنَ الاِكْتِسَابِ، وَلَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الْعَبْدِ لأَِنَّهُ خُسْرَانٌ لَا اكْتِسَابٌ، وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ بِغَيْرِ مَهْرٍ جَازَ وَلَا مَهْرَ، وَقِيل: يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ ثُمَّ يَسْقُطُ (1) .
83 -
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ:
أ - الأَْبُ فَلَهُ الْجَبْرُ، وَلَوْ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْل، وَلَوْ لأَِقَل حَالٍ مِنْهَا، أَوْ لِقَبِيحِ مَنْظَرٍ لِثَلَاثٍ مِنْ بَنَاتِهِ:
الأُْولَى:
الْبِكْرُ وَلَوْ عَانِسًا طَالَتْ إِقَامَتُهَا عِنْدَ أَبِيهَا وَعَرَفَتْ مَصَالِحَ نَفْسِهَا قَبْل الزَّوَاجِ.
(1) الاختيار 3 / 92، 93، 94، 109، وفتح القدير 3 / 164 - 166، وبدائع الصنائع 2 / 241 - 244، والدر المختار ورد المحتار 2 / 298 - 299، 304 - 306.