الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِلْكِ الزَّوْجِ تَقْدِيرًا وَأَلْحَقَ بِهِمَا الأَْذْرَعِيُّ وَلَدَ الزَّوْجِ (1) .
لأَِنَّ فِي قَبُولِهَا مِنَ الْمُتَبَرِّعِ مِنَّةً عَلَيْهَا وَإِلْحَاقَ ضَرَرٍ بِهَا، فَلَا تُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا، كَمَا لَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْقَبُول مِنَ الْمُتَبَرِّعِ سَدَادَ الدَّيْنِ الَّذِي لِلدَّائِنِ عَلَى غَيْرِهِ.
هَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا دَفَعَ الْمُتَبَرِّعُ النَّفَقَةَ إِلَى الزَّوْجِ أَوَّلاً ثُمَّ قَامَ الزَّوْجُ بِدَفْعِهَا إِلَيْهَا.
فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْمُتَبَرِّعَ لَوْ سَلَّمَ النَّفَقَةَ لِلزَّوْجِ ثُمَّ دَفَعَهَا الزَّوْجُ لَهَا أَوْ دَفَعَهَا إِلَيْهِ وَكِيلُهُ فَإِنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُول مِنْهُ، لأَِنَّ الْمِنَّةَ حِينَئِذٍ عَلَى الزَّوْجِ دُونَهَا (2) .
اعْتِبَارُ النَّفَقَةِ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ:
49 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِ النَّفَقَةِ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
لَا تُعْتَبَرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ إِلَاّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِتَرَاضِي الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَضَاءٌ وَلَا تَرَاضٍ سَقَطَتْ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَبِهَذَا قَال الْحَنَفِيَّةُ (3) لأَِنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ تَجْرِي مَجْرَى الصِّلَةِ وَإِنْ
(1) نهاية المحتاج 7 / 213، ومغني المحتاج 3 / 443، وروضة الطالبين 9 / 73.
(2)
نهاية المحتاج 7 / 213، ومغني المحتاج 3 / 443، وكشاف القناع 5 / 477.
(3)
البدائع 4 / 25 - 28.
كَانَتْ تُشْبِهُ الأَْعْوَاضَ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِعِوَضٍ حَقِيقَةً، لأَِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عِوَضًا حَقِيقَةً لَكَانَتْ عِوَضًا عَنْ نَفْسِ الْمُتْعَةِ وَهِيَ الاِسْتِمْتَاعُ، أَوْ كَانَتْ عِوَضًا عَنْ مِلْكِ الْمُتْعَةِ وَهِيَ الاِخْتِصَاصُ بِهَا وَلَا سَبِيل إِلَى الأَْوَّل، لأَِنَّ الزَّوْجَ مَلَكَ مُتْعَتَهَا بِالْعَقْدِ فَكَانَ هُوَ بِالاِسْتِمْتَاعِ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ، وَمَنْ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ عِوَضٌ لِغَيْرِهِ.
وَلَا وَجْهَ لِلثَّانِي لأَِنَّ مِلْكَ الْمُتْعَةِ قَدْ قُوبِل بِعِوَضٍ مَرَّةً فَلَا يُقَابَل بِعِوَضٍ آخَرَ، فَخَلَتِ النَّفَقَةُ عَنْ مُعَوَّضٍ، فَلَا يَكُونُ عِوَضًا حَقِيقَةً بَل كَانَتْ صِلَةً، وَلِذَلِكَ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى رِزْقًا بِقَوْلِهِ عز وجل:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1) }
الْقَوْل الثَّانِي:
تَصِيرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ إِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهَا بَعْدَ أَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي وَلَا رِضَا الزَّوْجِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (2)، وَالْحَنَابِلَةُ لِقَوْل اللَّهِ عز وجل:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (3) } ، مُوَجِّهِينَ اسْتِدْلَالَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أَخْبَرَ عَنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ مُطْلَقًا دُونَ تَقَيُّدٍ بِزَمَانٍ دُونَ آخَرَ، وَلأَِنَّ النَّفَقَةَ قَدْ وَجَبَتْ، وَالأَْصْل أَنَّ مَا وَجَبَ
(1) سورة البقرة / 233.
(2)
روضة الطالبين 9 / 76.
(3)
سورة البقرة / 233.