الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا نَحْوُ الْعِنِّينِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ إِذَا نَذَرَهَا (1) .
ثَانِيًا: النَّدْبُ:
9 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: النِّكَاحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي الأَْصَحِّ - وَهُوَ مَحْمَل الْقَوْل بِالاِسْتِحْبَابِ - فَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، لأَِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ مُؤْثِمٌ، وَيُثَابُ إِنْ نَوَى وَلَدًا وَتَحْصِينًا، أَيْ مَنْعَ نَفْسِهِ وَنَفْسِهَا عَنِ الْحَرَامِ، وَكَذَا لَوْ نَوَى مُجَرَّدَ الاِتِّبَاعِ وَامْتِثَال الأَْمْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى مُجَرَّدَ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَاللَّذَّةِ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِي حَال الاِعْتِدَال، أَيِ الْقُدْرَةِ عَلَى وَطْءٍ وَمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ، وَأَمَّا حَال الاِعْتِدَال فِي التَّوَقَانِ فَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ فِي الْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ وَهُوَ شِدَّةُ الاِشْتِيَاقِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي غَايَةِ الْفُتُورِ كَالْعِنِّينِ، بَل يَكُونُ بَيْنَ الْفُتُورِ وَالشَّوْقِ، وَأَمَّا الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَهْرِ
(1) الاختيار لتعليل المختار 3 / 82، والدر المختار ورد المحتار 2 / 260 - 261، وبدائع الصنائع 2 / 229، والشرح الصغير وحاشية الصاوي عليه 3 / 77 - 78، وحاشية الدسوقي 2 / 214 - 215، ومواهب الجليل 3 / 403 - 404، ومغني المحتاج 3 / 225 - 226، ونهاية المحتاج 6 / 178 - 180، وتحفة المحتاج 7 / 183 - 187، وكشاف القناع 5 / 6 وما بعدها، ومطالب أولي النهى 5 / 5 وما بعدها، والإنصاف 8 / 6 - 15.
وَالنَّفَقَةِ فَلأَِنَّ الْعَجْزَ عَنْهُمَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ فَيُسْقِطُ السُّنِّيَّةَ بِالأَْوْلَى.
وَمَنْ قَال: إِنَّ النِّكَاحَ مَنْدُوبٌ وَمُسْتَحَبٌّ فَإِنَّهُ يُرَجِّحُهُ عَلَى النَّوَافِل مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا:
أَنَّهُ سُنَّةٌ، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي "(1) ، وَالسُّنَنُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّوَافِل، وَلأَِنَّهُ أَوْعَدَ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ:" فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي "(2) وَلَا وَعِيدَ عَلَى تَرْكِ النَّوَافِل.
وَالثَّانِي:
أَنَّهُ فَعَلَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَاظَبَ عَلَيْهِ، أَيْ دَاوَمَ وَثَبَتَ عَلَيْهِ، بِحَيْثُ لَمْ يُخِل عَنْهُ، بَل كَانَ يَزِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى تَزَوَّجَ عَدَدًا مِمَّا أُبِيحَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ، وَلَوْ كَانَ التَّخَلِّي أَفْضَل لَمَا فَعَل، لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الأَْنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَتْرُكُونَ الأَْفْضَل فِيمَا لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ، لأَِنَّ تَرْكَ الأَْفْضَل فِيمَا لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ يُعَدُّ زَلَّةً مِنْهُمْ، وَإِذَا ثَبَتَ أَفْضَلِيَّةُ
(1) حديث: " النكاح من سنتي ". أخرجه ابن ماجه (1 / 592 ط عيسى الحلبي) من حديث عائشة رضي الله عنها، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 323 - ط دار الجنان) .
(2)
حديث: " فمن رغب عن سنتي. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 104 ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1020 ط عيسى الحلبي) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه