الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ نَقْضِ الْحُكْمِ، كَمَا قَالُوا: إِنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ، فَإِذَا قَضَى لَا يُنْقَضُ، ثُمَّ قَال: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ، وَقَدْ جَاءَ فِيهَا عَدَمُ نَفَاذِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ.
وَالْحَنَابِلَةُ يَقُولُونَ: إِنَّ نَقْضَ الْحُكْمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا يَرَاهُ الْقَاضِي مِنْ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ أَوْ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، كَمَا هُوَ الْحَال فِي شَهَادَةِ الأَْصْل وَالْفَرْعِ.
وَيَرَى الْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ نَقْضَ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (1) .
ط - الدَّفْعُ مِنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْهَا:
31 -
إِذَا قَال الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ: لَدَيَّ بَيِّنَةٌ لَمْ أَعْلَمْهَا قَبْل الْحُكْمِ وَطَلَبَ سَمَاعَهَا وَنَقْضَ
(1) كشاف القناع 6 / 446، والإنصاف 11 / 319، والبناية في شرح الهداية للعيني 8 / 166 وما بعدها - طبع دار الفكر - بيروت -، وبدائع الصنائع 6 / 282 ط الخانجي، وابن عابدين 5 / 381، 480، ومجمع الأنهر 2 / 189، وروضة الطالبين 11 / 126، 127، 151، 152، وحاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 385، وتبصرة الحكام 1 / 223، 225، والدسوقي 4 / 171، ومغني المحتاج 4 / 435.
الْحُكْمِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا تُقْبَل دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، فَقَدْ سُئِل نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ وَضَمِنَ لَهُ إِيفَاءَ الدَّيْنِ، ثُمَّ ادَّعَى الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ قَضَى الْمَال فِي حَيَاتِهِ وَأَرَادَ إِثْبَاتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، قَال: لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْمَعُ مِنْ بَيِّنَتِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِمَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فُسِخَ، وَقَال سَحْنُونٌ: لَا يُسْمَعُ مِنْهَا، وَقَال ابْنُ الْمَوَّازِ: إِنْ قَامَ بِهَا عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي الْحَاكِمِ نَقَضَهُ، وَإِنْ قَامَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ (2) .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَتَعْدِيلِهَا فَقَدْ أَقَامَهَا فِي أَوَانِ إِقَامَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي وَسَلَّمَ الْمَال إِلَيْهِ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُسْنِدِ الْمِلْكَ إِلَى مَا قَبْل إِزَالَةِ الْيَدِ فَهُوَ الآْنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ الشُّهُودِ وَنَحْوِهَا فَهَل تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَهَل تُقَدَّمُ بِالْيَدِ الْمُزَالَةِ بِالْقَضَاءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ الأَْوَّل لأَِنَّهَا إِنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، وَقَدْ ظَهَرَتِ الْحُجَّةُ، فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي وَقَبْل التَّسْلِيمِ إِلَيْهِ سُمِعَتْ
(1) الفتاوى الهندية 4 / 66.
(2)
تبصرة الحكام 1 / 80.