الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِْعْسَارِ، فَلَا يُنَافِيهَا اخْتِلَافُ الدِّينِ كَالصَّدَاقِ وَالأُْجْرَةِ (1) .
خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ الَّذِينَ لَمْ يَشْتَرِطُوا هَذَا الشَّرْطَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2) } ، فَهَذِهِ الآْيَةُ تَدُل عَلَى أَنَّ الْوِلَادَةَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الأَْوْلَادِ عَلَى الآْبَاءِ. اتَّحَدَ الدِّينُ أَوِ اخْتَلَفَ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ:
أَنْ يَكُونَ الْمُنْفِقُ وَارِثًا، وَبِهَذَا قَال الْحَنَابِلَةُ، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْل ذَلِكَ (3) } مُوَجِّهِينَ اسْتِدْلَالَهُمْ بِأَنَّ بَيْنَ الْمُتَوَارِثِينَ قَرَابَةٌ تَقْتَضِي كَوْنَ الْوَارِثِ أَحَقَّ بِمَال الْمَوْرُوثِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ بِوُجُوبِ صِلَتِهِ بِالنَّفَقَةِ دُونَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ (4) .
تَعَدُّدُ الأُْصُول:
56 -
إِذَا تَعَدَّدَتِ الأُْصُول (الأَْبُ وَالأُْمُّ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ) فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْفُرُوعِ تَكُونُ وَاجِبَةً عَلَى الأَْبِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا وَقَادِرًا عَلَى الإِْنْفَاقِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ (5) } ، فَالآْيَةُ
(1) المغني 7 / 585.
(2)
سورة البقرة / 233
(3)
سورة البقرة / 233
(4)
الإنصاف 9 / 392 وما بعدها.
(5)
سورة البقرة / 233
تَدُل عَلَى حَصْرِ النَّفَقَةِ فِي الأَْبِ دُونَ سِوَاهُ (1) .
وَاخْتَلَفُوا فِي حَالَةِ عَدَمِ وُجُودِ الأَْبِ، وَكَذَا إِذَا كَانَ مَوْجُودًا لَكِنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الإِْنْفَاقِ.
فَالْحَنَفِيَّةُ: يَرَوْنَ أَنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى الأُْصُول الْمَوْجُودَةِ، فَإِنْ كَانُوا جَمِيعًا وَارِثِينَ، فَهُمْ جَمِيعًا مُطَالَبُونَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى حَسَبِ أَنْصِبَائِهِمْ فِي الْمِيرَاثِ، فَإِذَا وُجِدَ جَدٌّ لأَِبٍ مَعَ الأُْمِّ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا بِنِسْبَةِ مِيرَاثِهِمَا، فَيَكُونُ عَلَى الأُْمِّ الثُّلُثُ وَعَلَى الْجَدِّ الثُّلُثَانِ.
وَلَوْ وُجِدَتْ جَدَّةٌ لأُِمٍّ وَجَدَّةٌ لأَِبٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا بِالتَّسَاوِي، لأَِنَّ مِيرَاثَهُمَا مُتَسَاوٍ.
وَإِنْ كَانُوا جَمِيعًا غَيْرَ وَارِثِينَ، بِأَنْ كَانُوا مِنْ ذَوِي الأَْرْحَامِ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى أَقْرَبِهِمْ دَرَجَةً، فَإِنِ اتَّحَدَتْ دَرَجَتُهُمْ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ بِالتَّسَاوِي.
وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ وَارِثًا وَبَعْضُهُمْ غَيْرَ وَارِثٍ، كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الأَْقْرَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا، فَإِنِ اتَّحَدُوا فِي دَرَجَةِ الْقَرَابَةِ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْوَارِثِ دُونَ غَيْرِهِ (2) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَإِنَّ صُورَةَ تَعَدُّدِ الأُْصُول
(1) فتح القدير 4 / 410، وشرح الخرشي 4 / 204، والمهذب 2 / 166، والإنصاف 9 / 392.
(2)
فتح القدير 4 / 421.